مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

الداعي إلى الله

العلوم الإسلامية - الصف التوجيهي أدبي

قال الله تعالى: {قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} 

دلت الآية الكريمة على: 

- أنّ الدعاة إلى الله تعالى هم أتباع الأنبياء في حمل رسالة الإسلام للناس.

- وأن الله تعالى وجّه أنبياءه وأتباعهم للدعوة إليه على بصيرة ووعي.

فلا بد من وجود دعاة متخصصين للقيام بمهمة الدعوة إلى الله تعالى على أتم وجه وذلك:

- لبناء المفاهيم السليمة.

-وتصحيح المفاهيم غير الصحيحة.

- ونشر الإسلام للوصول إلى الحياة الطيبة الهانئة.

أولا : مفهوم الدعوة إلى الله والداعي إليه

الدعوة إلى الله تعالى: تبليغ دين الإسلام للناس وترغيبهم فيه، وحثهم على اتباعه والتمسك بأحكامه وبأخلاقه، ونشر الخير بينهم.

والداعي إلى الله تعالى: هو العالم بمبادئ الدين الإسلامي ومقاصده وأحكامه، والمدرك لواقع المجتمع الذي يعيش فيه وقضاياه، وأساليب تبليغ الدعوة إليهم.

ثانيا : صفات الداعي الناجح

حتى ينجح الداعي في دعوته عليه أن يتصف بمجموعة من الصفات والمهارات العلمية والعملية التي تؤهله لأن يكون مؤثرا في نفوس الناس، ومقبولا عندهم، ومن أبرزها ما يأتي:

1-  الإخلاص في الدعوة إلى الله تعالى

ويكون الإخلاص بأن يبتغي الداعي الأجر والثواب من الله تعالى، فهو لا يريد شهرة أو منصبا أو مصلحة دنيوية.

والمدعو سريع الملاحظة دقيق الانتباه، فإذا شعر من الداعي انحرافا في مقصده أعرض عنه.

لذلك كان الأنبياء عليهم السلام يؤكدون في دعوتهم لأقوامهم أنهم لا يريدون أجرا من الناس، وإنّما يبتغون أجرهم وثوابهم من الله تعالى وهذا هو الإخلاص في الدعوة.

دل على ذلك قول الله تعالى: « قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ » 

2- الالتزام بالأخلاق الحميدة

ينبغي على الداعي الالتزام بأخلاق الإسلام، والحرص على التمسك بالصدق، والتواضع، والصبر، والكرم، والشجاعة في قول الحق، والالتزام بهذه الأخلاق لها فوائد منها :

- أنها تحبب المدعو بالإسلام وترغبه فيه.

- وتجعل الداعي قدوة حسنة للناس.

- تؤدي بالمدعويين إلى إقبالهم على الحق، وعدم نفورهم من الدين.

3- العلم وسعة الاطلاع

من الأمور التي تعين الداعي على حسن أداء الدعوة، وجعل كلامه أعمق تأثيرا وأكثر قبولا ما يأتي: 

- أن يكون واسع المعرفة في مضمون ما يدعو إليه.

- مطلعا على الأفكار السائدة في مجتمعه.

- كثير المطالعة في مختلف العلوم والفكر والأدب.

- فهذا يحقق له الاحترام بين الناس والتأثير فيهم.

ثالثا: مهارات الداعي الناجح

قال تعالى: « ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ » 

دلت الآية الكريمة على أنّ الداعي يحتاج إلى مهارات تعينه على أداء مهمته وتحقيق غايته، ومن المهارات التي يحتاجها الداعي إلى الله تعالى ما يأتي:

1 - التنويع في الأساليب

 ينبغي على الداعي: 

- أن ينوع في أساليب دعوته.

- ويراعي مستويات المدعوين وعقولهم.

فيستعمل القصة والمثل والحوار، وهذا ما قام به أنبياء الله تعالى، فقد استخدموا أساليب كثيرة مراعين أحوال المدعوين.

 قال الله تعالى حكاية عن نوح عليه السلام: « قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلا وَنَهَارًا* فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلاَّ فِرَارًا* وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا* ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا* ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا » 

فدلت الآيات الكريمة على أنّ سيدنا نوح عليه السلام نوّع في أساليب دعوته  لقومه. 

2- مراعاة الأولويات في دعوته 

 - الداعي الناجح يقدم ما يستحق التقديم، ويؤخر ما يناسبه التأخير.

- ويوازن بين المصالح والمفاسد الناتجة عن دعوته للناس.

- وهذا منهج سيدنا محمد ﷺ في دعوته؛ فقد استمر يدعو الناس إلى الإسلام في مكة من غير أن يهدم لهم صنما، وبعد أن دخلوا في الإسلام، وتمكن الإيمان في نفوس الناس، وأدركوا أن الإسلام هو الدين الحق أمر بهدم الأصنام.

3- التلطف مع المدعو

ينبغي على الداعي أن يناقش الآخرين بالحجة والبرهان بألطف الكلمات وألينها.

لذلك أمر الله تعالى موسى وهارون عليهما السلام بأن يقولا لفرعون قولا لينا،

قال الله تعالى: « اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولا لَهُ قَوْلا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى» 

4- امتلاك مهارات التقنية الحديثة

- إنّ استخدام التقنيات الحديثة مفيد في الدعوة إلى الله تعالى.

- فهذه التقنيات لها قدرة فائقة على الوصول إلى مناطق واسعة بسرعة هائلة.

- وهذه ميزة لها تأثيرها القوي في جذب المدعوين واستمالتهم،  ولا سيما الشباب منهم.

- فينبغي على الداعي أن يتقن استثمارها في دعوته.

رابعا: محاذير يتجنبها الداعي إلى الله تعالى

يقع بعض الدعاة في محاذير تحمل المدعوين على عدم الاستجابة لهم، منها ما يأتي:

1- مدح الداعي لنفسه

قد يكثر الداعي أحيانا من تزكية نفسه أمام المدعوين، ويعدد إنجازاته، ويثني على أخلاقه.

فهذه صفة نهى عنها الله تعالى في قوله: « فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى» 

فدلالة  الآية الكريمة النهي عن مدح الداعي لنفسه، فالتواضع سبيل سريع في الوصول إلى قلوب الناس، وتقبلهم الدعوة.

2- الاستدلال بالروايات غير المقبولة

 يقوم دين الإسلام على مصدرين في الاستدلال النقلي هما:

- القرآن الكريم.

- والسنة النبوية الصحيحة.

فلا يجوز شرعا استدلال الداعي:

- بروايات ضعيفة أو مكذوبة.

- أو قصص مختلفة لا أصل لها من أجل تشويق المدعوين وترغيبهم في الدين.

- لأنه يبني معتقدات أو تصورات أو عادات باطلة عند المدعوين ويعززها.

3- القدح بالأشخاص أو الهيئات والمؤسسات

- ينبغي على الداعي ألا يذكر أحدا باسمه بسوء.

- وألا يشتم أحدا في دروسه ومواعظه.

- ولا أن يقلل من شأن أحد.

- ولكن عليه أن يشير إلى الخطأ، وأن يوجه إلى الصواب من غير التعرض إلى الناس بصورة مباشرة.

كما فعل النبي ﷺ بقوله على المنبر: "ما بال أقوام ". فوجه خطابه إلى عموم الناس بكلمة (أقوام) ولم ينتقد شخصا بعينه.

4- التشديد على الناس

-  يحرص الداعي على الرفق بالناس فلا يشدد عليهم، حتى لا يؤدي ذلك إلى تنفيرهم من الدين.

- فعليه أن يقتدي برسول الله ﷺ الذي ما خُيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما.

فقد روت عائشة رضي الله عنها زوج النبي ﷺ، أنها قالت: "ما خُيّر رسول الله ﷺ بين أمرين إلا أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه".

5- إهمال المظهر واللباس

- التجمل باللباس وحسن المظهر من أخلاق الإسلام.

- لا يظن بعض الدعاة أن لبس الرث من الثياب يقربهم إلى المدعوين، فهذا مجانب للصواب.

- وتقدير الناس ولقاؤهم بأحسن صورة يحمل المدعو على حسن الاستقبال والاستجابة.

دلّ على ذلك قول رسول الله ﷺ: "إنكم قادمون على إخوانكم، فأصلحوا رحالكم، وأصلحوا لباسكم، حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس، فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش".