المساحة والشكل، وأثرهما في قوة الدولة

 

يتناول هذا الفصل دراسة مساحة الدولة، وأثرها في قوة الدولة، مع دراسة الآثار الإيجابية والسلبية لكل من المساحات الكبيرة والصغيرة للدول. كذلك، يتناول الفصل إشكال الدول والآثار الإيجابية والسلبية لهذه الأشكال، مع إعطاء أمثلة متنوعة من دول العالم.

 

أولا :  المساحة، وأثرها  في قوة الدول

تعرف مساحة الدولة بأنها ؛ رقعة أرض الدولة داخل حدودها السياسية المعترف بها دوليا، وتتباين  دول العالم من حيث مساحتها تباينا كبيرا، حيث لا تتجاوز مساحة دولة الفاتيكان مثلا كم بينما تزيد مساحة روسيا على (١٧) مليون كم، وتكمن أهمية المساحة الكبيرة للدولة، في احتمالية تنوع أقاليمها المناخية وتراكيبها الجيولوجية. ومن ثم، التنوع في مواردها الاقتصادية .

۱- تصنيف الدول حسب المساحة

يمكن تصنيف دول العالم تبعا لمساحاتها إلى أربع مجموعات، كما في الجدول الآتي:

المجموعة	المساحة (كم)	أمثلة
الدول ضخمة المساحة	تزيد على 7 مليون كم).	روسيا، كندا، الصين، الولايات المتحدة، البرازيل، أستراليا
الدول كبيرة المساحة	۷-۱ مليون كم .	الهند، الأرجنتين، الجزائر، السعودية، إيران .
المساحة الدول متوسط	من ربع مليون إلى مليون كم.	نيجريا، باكستان، تركيا، العراق .
الدول صغيرة المساحة	من 10 آلاف ولغاية ٢٥٠ ألف كم .	تونس، بنغلادش، اليونان.
الدول قزمية	أقل من 10 آلاف كم.	سنغافورة، البحرين، الفاتيكان.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

2- الآثار الإيجابية للمساحة الكبيرة في قوة الدولة

أ- تنوع الأقاليم المناخية والنباتية، والإنتاج الزراعي.

ب - تنوع الترب، الذي ينعكس على تنوع الإنتاج الزراعي والصناعي في الدولة، ويساعدها على أن تكون أقرب إلى الاكتفاء الذاتي .

ج - تنوع التركيب الجيولوجي، الذي يعني تنوع الموارد المعدنية.

د - استيعاب عدد أكبر من السكان.

هـ - إتاحة فرصة توزيع المراكز الحيوية والصناعية والمنشآت الاقتصادية، بعيدا عن حدودها. و - تزيد من العمق الاستراتيجي للدولة، وزيادة قدرتها الدفاعية ضد الغزو الخارجي،

 

3- الآثار السلبية للمساحة الكبيرة في قوة الدولة

على الرغم من إيجابيات المساحة الكبيرة للدولة، إلا أنه توجد بعض السلبيات، منها:

أ - قد تشكل مساحتها عبئا إضافيا عليهـا، وتقلل مـن أهميتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية؛ وذلك لأن جزءا كبيرا من أراضيها مناطق غير منتجـة، تكاد تخلو من السكان، ويصعب استغلالها أو الوصول إليها.

ب - قد لا تتمكن بعض الدول لاتساع مساحتها، من استثمار كل الموارد المتوافرة فيها؛ لقلة إمكاناتها الاقتصادية والتكنولوجية، وقلة خبرة سكانها؛ كما في السودان، الذي يمتلك ثروة مائيـة وحيوانية هائلة وتربة خصبة، إلا أن قلـة رؤوس الأموال والخبرة والحروب الداخلية، لم تمكنه من استثمار تلك الثروات على أفضل وجه. ومن ثم، بقيت موارد غير مستغلة.

ج - تفتقر بعض الدول الواسعة المساحة مثل الهند، إلى شبكة مواصلات تربط مختلف أنحاء الدولة مع بعضها بعضا، ما يعيق التقدم الاقتصادي فيها.

د - صعوبة السيطرة العسكرية على أجزاء الدولة، إذا كانت تضم قوميات عرقية مختلفة ، ما يشجع على قيام الحركات الانفصالية ، كتيمور الشرقية في إندونيسيا 

ه-  المشكلات التي تتعلق بتجهيز عدد كاف من الجيوش للدفاع عنها، نظرا إلى عدد سكانها، وطول حدودها، واتساع مساحتها.

 

4- الآثار السلبية المساحة الصغيرة في قوة الدولة

أ- عدم القدرة على استيعاب أعداد متزايدة من السكان.

ب - تواجه الدول أضرارا جسيمة في اقتصادها، إذا تعرضت إلى إحدى الكوارث الطبيعي

ج- يـسهـل اجتياحها عسكريا، فمثلا: اجتاح الجيش الألماني هولندا في أربعة أيام فقط في الحرب العالمية الثانية.

د- تفتقر للعمق الاستراتيجي

 

نستنتج مما سبق، أن أهمية الدولة لا تقاس بالكيلو متر المربع، وإنما لا بد من الأخذ في الحسبان العوامل المحددة لأهمية مساحة الدولة ، مثل : عدد السكان  وتوزعهم بما يتناسب مع الموارد ، وغنى الدولة أو فقرها ، والنظم الاقتصادية والسياسية السائدة فيء الدولة ، وقدرة السكان العلمية والتكنولوجية  على استثمار الموارد ، ومرونة الاتصال في الدولة ، حجم الموارد وتنوعها .

 

ثانيا :  الشكل، وأثره في قوة الدولة

تختلف دول العالم في شكلها الخارجي، ويؤثر شكل الدولة في نموها الداخلي وفي أدائها لوظائفها، كما يؤثر في دفاعها الخارجي. ولتسهيل دراسة شكل الدولة، وأثره في قوتها؛ فقد صنف باحثو الجغرافيا السياسية أشكال الدول إلى الأصناف الآتية:

 

1- الشكل المتراص أو  المنظم

الوصف: هو شكل الدولة القريب من الدائرة أو المربع، ما يجعلها تتميز بأقصر حدود في أكبر مساحة. مثل: فرنسا، ومصر، ولهذا الشكل مجموعة من الآثار الإيجابية؛ فهو:

أ- يسهل وجود شبكة مواصلات متطورة.

ب- يقوي اختلاط السكان واحتكاكهم ببعضهم بعضا

ج- يشجع الروح الوطنية ، والذي يسهم في تحقيق الأمن الداخلي والاستقرار

د- يسهل السيطرة على حدود الدولة في السلم والحرب

ه- يسهل الاتصال بين   المراكز (العاصمة ) والأطراف 

                                       

 

2- الشكل المستطيل

الوصف : هو عندما يزيد طول الدولة عن عرضها عدة مرات ، مثل  النرويج ، وإيطاليا ، وتشيلي .

أ- الآثار الإيجابية للشكل المستطيل

1- تنوع أقاليم الدولة المناخية ، لامتدادها على عدد من دوائر العرض

2- إذا كانت الدولة ذات الشكل المستطيل تطل على البحر ، فإنها تستفيد أكثر من ثرواته

3- إذا حدث في أحد أجزائها كارثة طبيعية ، فلا يؤثر ذلك في باقي أجزاء الدولة 

 

ب- الآثار السلبية لهذا الشكل    

1. تنشأ صعوبات في الاتصال والنقل ، وارتفاع الكلفة المادية لمد شبكة نقل برية تصل أقصى شمال الدولة بأقصى جنوبها .

 2. مشكلات أمنية؛ لعدم قدرتها على حماية حدودها الطويلة .

3. مشكلات إدارية، تتمثل في صعوبة سيطرة الحكومة من المركز، على أجزاء الدولة جميعها.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

3 - الشكل المجزأ أو المشتت

الوصـف: هو الشكل التي تتخذه الدولة، عندما تتكون من عدة أجزاء، مثل: إندونسيا، التي تتكون مـن مجموعـة مـن الجـزر، أو عندما تكون أجزاء من الدولة على اليابس وبقية مناطقها جزر، مثل: الولايات المتحدة الأمريكية، والفلبين

أ- الآثار السلبية للشكل المجزأ

1. صعوبة الاتصال في أوقات السلم والحرب

2.قلة اختلاط السكان، حيث يقلل من تماسكهم ويضعف الروح الوطنية، ويشجع قيام الحركات الانفصالية.

3. يخلق فرصا أقوى لانفصال الأجزاء البعيدة عن الدولة، كما انفصلت سنغافورة عن ماليزيا في عام 1956م.

4- الشكل غير المنتظم

الوصف: هو عندما تكون الدولة ذات شكل متراص لولا وجود امتداد على شكل ذراع في أحد أطرافها، مثل: تايلاند، وزامبيا، وهذا الذراع ينتج عنه مجموعة من المشكلات مثل:

1 - مشكلات سياسية: قلة اتصال الأطراف الممتدة مع بقية أجـزاء الدولة، مـا يشجع على قيام

الحركات الانفصالية فيها، ومحاولة الانقسام عن جسم الدولة.

ب-مشكلات إدارية: صعوبة السيطرة على الجزء الممتد في الدولة، وجعله على اتصال دائم مع بقية أجزائها .

ج - مشكلات عسكرية: تتمثل في صعوبة الدفاع عن الأطراف الممتدة .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 5- الشكل المحتوى

الوصف: هو عندما تكون الدولة محاطة من الجهات جميعها بدولة واحدة فقط، مثل:

ليسوتو المحـتواة بدولة جنوب أفريقيا، وجمهورية سان مارينو، ودولة الفاتيكان المحاطتان بإيطاليا.الذي يبين موقع ليسوتو

 

 

الآثار السلبية للشكل المحتوى

أ- تتبع الدولة المحتواة الدولة المجاورة لها في سياستها الداخلية والخارجية

ب -ضعف قوتها السياسية والاقتصادية والعسكرية.

ج- ضرورة الحفاظ على علاقات ودية مع الدولة المحيطة بها.

 

 الجدول الذي يبين أوجه الشبه والاختلاف بين الدول المحتواة والدول الحبيسة

	الدولة الحبيسة	الدولة المحتواة
أوجه الشبه	لا تتصل بالبحر مطلقا
	تسعى للحفاظ على علاقات طيبة مع الدول المجاورة دائما.
أوجه الاختلاف	يحد بها أكثر من دولة	يحد بها دولة واحدة فقط
	يتوافر لها أكثر من بديل للاتصال مع العالم الخارجي، إذا توترت علاقتها مع إحدى جارتها	لا خيار لها للمرور إلا مـن أراضي دولة أراضي دولة واحدة ، فإذا توترت علاقتها معها فلا سبيل لها للاتصال مع العالم.