مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

حركات التحرر والاستقلال في المغرب العربي

تاريخ العرب - الصف الأول ثانوي أدبي

حركات التحرر والاستقلال في المغرب العربي

 

بدأت حركات التحرر والمقاومة في المغرب العربي بكل أشكالها منذ دخوله تحت السيطرة الاستعمارية؛ مما أجبر الدول الأوروبية على الرضوخ لمطالب الحركات الوطنية، وللتعرف إلى الاستعمار الأوروبي في دول المغرب العربي.

أولا: الجزائر:

احتلت فرنسا الجزائر عام 1830م بإرسالها حملة بحرية إلى سواحل الجزائر، فتمكنت بعدها من فرض حصار على مدينة الجزائر وأحكمت قبضتها عليها، فأعلن الملك (لويس فيليب) ملك فرنسا إلحاق الجزائر رسميا بفرنسا.

1-السياسة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر:

مارست فرنسا سياسة استعمارية تقوم على الوحشية والتنكيل، ومن هذه السياسة:

السياسة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر

دمج الجزائر بفرنسا دمجا كاملا، شمل الثقافة والجنسية والسكان.

تشجيع هجرة الفرنسيين إلى الجزائر ومنحهم الأراضي الخصبة.

العمل على إثارة التفرقة العنصرية بين العرب والبربر.

قمع الحركات الوطنية، والتنكيل بقادتها

محاربة اللغة العربية والثقافة العربية الإسلامية، ونشر الثقافة واللغة الفرنسية

نهب ثروات البلاد، وتحويل سكانه إلى مجرد آلات للعمل في المصانع والمزارع.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

2 - المقاومة الوطنية الجزائرية حتى عام 1954:

بدأت حركة المقاومة في الجزائر ضد فرنسا وسياستها الاستعمارية منذ أن وطأت فرنسا أرض الجزائر، فقاد الأمير عبد القادر الجزائري المقاومة المسلح، وحقق انتصارات على فرنسا؛ مما اضطرها إلى مهادنته والاعتراف بسلطته على بعض المناطق، ثم واصل محمد المقراني عام 1871م، قيادة الثورة التي شملت معظم أرض الجزائر.

تصدى الشعب الجزائري للاحتلال الفرنسي في ثورات متتالية، كما تشكلت جمعيات وأحزاب تطالب بالاستقلال، منها جمعية نجم شمال إفريقيا، وجمعية علماء المسلمين.

اكتفى زعماء الحركة الوطنية الجزائرية في ذلك الوقت على المطالبة بالإصلاح لمنع الهيمنة الفرنسية، والمحافظة على عروبة الجزائر، إلا أن فرنسا رفضت مطالب الإصلاح وتصدت لكل حركة وطنية لتعارضها مع أهدافها في رفض سيطرتها دون أن تدرك فرنسا تطور الشعور الوطني ونموه، وقد برز هذا التطور واضحا عام 1937م بتأسيس حزب الشعب الجزائري الذي نادى زعيمه مصالي الحاج بانفصال الجزائر عن فرنسا واستقلالها، ودعا إلى التحرر من الاستعمار وإعطاء الأرض للفلاحين واعتبار اللغة العربية اللغة الرسمية للبلاد.

لقد تنبه المثقفون والسياسيون الجزائريون لسياسة فرنسا الاستعمارية، للتعرف على ذلك اقرأ النص الآتي

"عبر الشيخ عبدالحميد بن باديس عـن رفضه للاستعمار الفرنسي حين قال: إن الأمة الجزائرية ليست هي فرنسا، ولا يمكن أن تكون فرنسا، ولا تريد أن تصير فرنسا، ولا تستطيع أن تصير فرنسا

-لو أرادت- بل هي أمة بعيدة عن فرنسا كل البعد في لغتها، وفي أخلاقها وعنصرها، وفي دينها لا تريد أن تندمج ولها وطن محدود معين، هو الوطن الجزائري.. إن هذه الأمة كانت قبل الاستعمار ذات مقومات في دينها ولسانها وذات مقومات من ماضيها وحاضرها، فكانت أرقى عقلا وأسمى روحا، وأوفر علماً وأعلى فكرا مـن أمـم البلقان في ذلك العهد، ولـو سـارت سيرها الطبيعي، ولم يعترضها الاستعمار بعوائقه وبوائقه لأنجبت المعلم الذي يملي الحكمة لا المعلم الذي يمالئ الحكومة أننا أمة علم ودين لم ينقطع سندنا فيهما إلـى آبائنا الأولين، فلو أن المعلم الذي جاءتنا به فرنسا علم ناصحاً وربى مخلصا وثقف مستقلا، ولم يقيده الاستعمار ببرامجه لظهرت آثاره الطيبة في الأمة. "

مرت المقاومة الجزائرية خلال الحرب العالمية الثانية بالأحداث الآتية:

أ-أصدرت حكومة فيشي عام 1941م على مصالي الحاج وغيره أحكاما بالسجن ستة عشر عاما، وعشرين عاما أخرى في المنفى، وبتجريدهم من ممتلكاتهم.

ب- نزلت جيوش الحلفاء في الجزائر في تشرين الثاني عام 1942م، مع بقاء الوطنيين الجزائريين في السجن على الرغم من كل شعارات الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير للشعوب المستعمرة.

ج- واصل حزب الشعب نشاطه وتكونت من أعضائه ومن غيرهم من الوطنيين جبهة باسم أصدقاء البيان الجزائري، طالبت بدولة جزائرية لها حكومتها وبرلمانها وعلمها.

د- رفض الفرنسيون مطالب الجبهة، فما أن عين الجنرال (كاترو) حاكما على الجزائر حتى أبعد عباس فرحات وغيره من الوطنيين الجزائريين.

قدم الجزائريون تضحيات لنصرة الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية، بناء على وعود الحلفاء باستقلال الجزائر، إلا أن فرنسا تنكرت لوعودها؛ فقامت ثورة عامة ضد فرنسا، قمعها الفرنسيون بما عرف بمجزرة أيار 1945م، حيث هاجم الفرنسيون المتظاهرين فقتلوا منهم آلاف الشهداء عدا الآلاف الذين تم اعتقالهم من الزعماء والشباب والنساء وخاصة النخبة المثقفة الجزائرية.
 

3-الثورة الجزائرية الكبرى عام 1954م وإعلان الاستقلال: 

تفجرت الثورة الجزائرية الكبرى، عندما أطلق مصطفى بلعيد الرصاصة الأولى، وقد استشهد وهو يقاوم الاستعمار عام 1956م، ولكن الثورة استمرت بعد وفاته، وللتعرف إلى الثورة الجزائرية أقرأ النص الآتي:

"وقف الشعب الجزائري مع جيش التحرير الوطني ومع جبهة التحرر في هذه المعركة الطويلة المضنية، فعاونها بالمال والخدمات والتموين، واشتركت النساء إلى جانب الرجال في هذه المعركة، وامتنع الجزائريون عن دفع الضرائب للسلطات الفرنسية، وسلموا هذه الأموال لجبهة التحرير وترك كثير من الموظفين من الأطباء الأساتذة ورجال القانون وظائفهم وخرجوا إلى الجبال لتأدية واجبهم الوطني بين المقاومين، وظهر أمام العالم أجمع أن الجزائر في ثورة شاملة، وأنها ثورة سياسية واقتصادية واجتماعية وفي الوقت نفسه أيقن العالم أن أيام فرنسا في الجزائر أصبحت معدودة، ولكن العناصر المتطرفة من المستوطنين واصلت الضغط على الحكومة الفرنسية لدفعها إلى الاستمرار في حربها للقضاء على الشعب الجزائري، وتعاون في ذلك كل من الصهيونية والدول الاستعمارية، فاعتقدت فرنسا أن لها حلفاء يساندونها ضد العرب، فواصلت حربها التي اتخذت شكل الإبادة، إلا أن الثورة حصلت على تأييد الشعب العربي من المحيط إلى الخليج، وبخاصة بعد نجاح الثورة في مصر، وقد حاولت فرنسا الضغط على مصر لوقف مساعدتها للثورة الجزائرية، ولما أخفقت فرنسا اشتركت في العدوان الثلاثي عام 1956م عل مصر" 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقومات نجاح الثورة الجزائرية:

أ-توحيد جميع الأحزاب في جبهة واحدة هي جبهة التحرير الجزائرية.

ب-توحيد جميع القوى المسلحة في جيش واحد هو جيش التحرير الجزائري.

ج- المساندة والمعونة المالية من البلاد العربية كلها.

د- الارتباط بحركات التحرر الأخرى في العالم والتعاون معها في المحافل الدولية.

 

استمرت الثورة لمدة ثماني سنوات دفع فيها الشعب الجزائري ما يزيد عن مليون شهيد، كما برزت فيها تضحيات كثيرة شاركت فيها النساء منهن جميلة بوحيرد وجميلة بوباشا، واضطرت فرنسا في النهاية إلى الخضوع لمطالب الشعب الجزائري، لذا فتح الجنرال ديغول باب المفاوضات مع الزعماء الجزائريين، وانتهت المفاوضات بعد أشهر باتفاقية (إيفان) في آذار 1962م التي تضمنت اعتراف فرنسا بوحدة الجزائر واستقلالها.

وهكذا نالت الجزائر الاستقلال بعد 132 عام من الاحتلال، وأصبح أحمد بن بلا رئيسا للجزائر بعد الاستقلال ويحكم الجزائر حاليا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

ثانيا: تونس

1-الحركة الوطنية التونسية حتى عام 1945م:

تأسست في تونس أحزاب سياسية لمقاومة الاستعمار الفرنسي كحزب تونس الفتاة عام  1908م الذي أصدر الجريدة الوطنية (التونسي)، وكان من زعمائه علي جمعة، وعبد العزيز الثعالبي الذي شن حملة على أساليب فرنسا الاستعمارية في تونس؛ فاضطهدت السلطات الفرنسية أنصار هذا الحزب وحلته وشتت رجاله.

نشطت الحركة الوطنية في تونس بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، فتأسست بعض الأحزاب وحاول عبد العزيز الثعالبي عرض قضية بلاده على مؤتمر الصلح في فرساي عام 1919م ولكن دول الحلفاء لم تسمح له بذلك.

للتعرف إلى الأحزاب السياسية المطالبة بالاستقلال تأمل الشكل الآتي:

الأحزاب السياسية التونسية ومبادئها

الحزب الحر الدستوري عام 1920 بزعامة عبد العزيز الثعالبي

حزب الدستور الجديد عام1934بزعامة الحبيب بورقية

مبادئه:

-تحقيق الاستقلال بالطرق السلمية.

-إنشاء مجلس تشريعي يمثل الأمة.

-إقامة حكومة وطنية.

مبادئه:

-نشر الوعي الوطني بهدف تحقيق الاستقلال.

-التصدي لسياسة فرنسا عبر الصحف كصحيفتي تونس والعمل التونسي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لاحقت فرنسا قادة الحركة الوطنية بالنفي والسجن، ولجأت إلى سياسة الضغط والاضطهاد فألقت القبض على زعماء الحزب الدستوري الجديد عام 1934م، وقدمتهم للمحاكمة بتهمة التآمر على سلامة الدولة، وكان من المعتقلين الحبيب بورقيبة.

واصلت الحركة الوطنية في تونس نشاطها السياسي بزعامة الباي محمد المنصف الذي طالب السلطات الفرنسية بالإصلاحات التي طالما وعدوا بها، وأقدم الباي محمد على اختيار وزرائه التونسيين دون الرجوع إلى المقيم الفرنسي فأثار هذا الأمر فرنسا فعزمت على الانتقام منه.

 

وعندما نزلت الجيوش الألمانية في تونس باتفاق مع حكومة فيشي في تشرين الثاني 1942م، تدخل الباي لإطلاق سراح الزعماء المعتقلين وعودة بعض المقاومين التونسيين ومنهم الحبيب بورقيبة إلى تونس، فاستأنفت الحركة الوطنية نشاطها في جو من الحرية. ولكن ذلك لم يدم طويلا، فسرعان ما نزلت جيوش الحلفاء تونس في أيار عام 1943م، واتهمت السلطات الفرنسية الجديدة الباي بالتآمر مع دول المحور، وأعلنت عزله ونفيه إلى خارج البلاد، وأصدرت أحكام الإعدام والسجن على مئات الوطنيين، واستطاع الحبيب بورقيبة الهروب من تونس سرا إلى مصر في آذار 1945 م، وخلفه في قيادة الحركة الوطنية. صالح يوسف، وشكلت حكومة أغلبها من الفرنسيين.

2- إعلان الاستقلال:

اشتدت الحركة الوطنية نتيجة لسياسة فرنسا الاستعمارية، ففي عام 1946م عقد مؤتمر لوضع ميثاق وطني تقرر فيه:

أ-المطالبة بإلغاء نظام الحماية؛ لأنه لا يتفق مع سيادة الشعب التونسي ومطالبه القومية

ب-عزم الشعب على استرجاع استقلاله التام والانضمام كدولة ذات سيادة إلى جامعة الدول العربية.

قررت تونس رفع شكوى لمجلس الأمن، الذي أوصى بإجراء مفاوضات بين البلدين، فانتهت بمعاهدة وقعها الطرفان في 3 من حزيران عام 1955م، وفيها اعترفت فرنسا بالاستقلال الذاتي لتونس، واحتفظت لنفسها ببعض الامتيازات الثقافية والاقتصادية في البلاد وحين قابل الشعب التونسي هذه الاتفاقية بالرفض العنيف؛ عادت إلى إعلان اعترافها باستقلال تونس استقلالا تاما في آذار 1956م ووضع دستور جديداً للبلاد، وانتخب الحبيب بورقيبة رئيسا للجمهورية، واستمر حتى 1987م، ثم انتخب الرئيس زين العابدين بن علي الذي أطيح به في ثورة شعبية عام 2011م.

ثالثا: المغرب

كانت ردة الفعل للشعب المغربي عنيفة ضد معاهدة الحماية الفرنسية، فثار الجنود المغاربة في فاس عام 1912م، وقتلوا القائد الفرنسي وعددا من الضباط.

وفي منطقة الريف تزعم حركة المقاومة محمد أمزيان، الذي قاد فصائل المقاومة والحق بالإسبان خسائر كبيرة، وواصل الزعيم أحمد محمد الريسولي في منطقة جبالا شمال المغرب المقاومة، فاضطر الأسبان إلى مهادنته والاعتراف به حاكما لإقليم جبالا في فترة الحرب العالمية الأولى. 

1-الثورات والحركات الوطنية ما بين الحربين العالميتين:

استمرت حركة التحرر الوطني في المغرب ضد الاحتلالين الفرنسي والإسباني بعد الحرب العالمية الأولى، وتطورت هذه الحركة إلى حرب عنيفة بقيادة الأمير محمد عبد الكريم الخطابي في الريف المراكشي الذي أحرز انتصارات كثيرة ولم تخمد حركته إلا بعد أن تحالفت القوات الفرنسية والإسبانية ضده عام 1926م.

ولم تتوقف الحركة الوطنية بإخماد ثورة الخطابي في الريف المراكشي، ولكنها أخذت خط المطالبة السلمية، وبرزت هذه الحركة 1930م حين أصدرت السلطات الفرنسية مرسوم الظهير البربري.

لم تتوقف السلطات الفرنسية عن سياسة القمع والاضطهاد فنفت زعماء الحزب الحلي إلى الخارج، وقابل أهل المغرب ذلك بمظاهرات شديدة في مختلف أنحاء البلاد، ووقعت مصادمات مسلحة؛ مما اضطر السلطات الفرنسية إلى إعادة الزعماء المنفيين، وحاولت التقرب من السلطان محمد الخامس والحكام المغاربة لتفصلهم عن الشعب.

2- الحركة الوطنية خلال الحرب العالمية الثانية وبعدها وإعلان استقلالها:

قدم المغرب الكثير الخدمات لمصلحة الحلفاء في الحرب العالمية الثانية بهدف الحصول على الاستقلال بعد الحرب، واندمجت جميع الأحزاب الوطنية بحزب الاستقلال الذي أكد على الاستقلال والوحدة الوطنية، ووحدة التراب المراكشي، وقد كان السلطان محمد الخامس يؤيد هذه المطالب ويرعاها، ولكن فرنسا ظلت مصرة على تطبيق معاهدة الحماية والتنكيل بالوطنيين بالاتفاق مع إسبانيا، وكانت ردة الفعل لفرنسا على السلطان محمد الخامس بنفيه إلى جزيرة مدغشقر، وعين الفرنسيون بدلا منه محمد عرفة، وحلو حزب الاستقلال.

لم يرض المراكشيون بما فعله الفرنسيون ،فعاد حزب الاستقلال ونظم حركة المقاومة الشعبية والكفاح المسلح ضد المستعمرين والمقاطعة للبضائع الفرنسية، فاضطرت فرنسا للتسليم بمطالب الشعب وأعادت السلطان المنفي إلى عرشه في 17 من تشرين الثاني عام 1955م، ودخلت مع مراكش في مفاوضات انتهت باعتراف فرنسا باستقلال المغرب ووحدته في 2 من آذار عام 1956م، وبعد شهر واحد أعلنت إسبانيا التسليم باستقلال منطقة الريف، كما ألغي قبل نهاية تلك السنة النظام الدولي في طنجة، وأصبح السلطان محمد الخامس ملكا للمغرب حتى عام 1961م، فورث العرش ابنه الملك الحسن الثاني الذي توفي عام 1999م، فخلفه ابنه الملك محمد السادس.

رابعا: موريتانيا (بلاد شنقيط)

ظهرت حركة المقاومة الوطنية في موريتانيا منذ مطلع القرن العشرين بقيادة الشيخ ماء العينين الذي أزعج الفرنسيين بالهجمات الخاطفة، لكنها قضت عليه، واستمرت المقاومة بظهور الأحزاب التي نادت باستقلال البلاد الذي تحقق عام 1960م، وأصبح المختار ولد دادة أول رئيس لجمهورية موريتانيا. ويحكم موريتانيا منذ عام 2009م الرئيس محمد ولد عبد العزيز.

خامسا: ليبيا

أقدمت إيطاليا على غزو ليبيا بحجة تحقيق الأمن، وحماية رعاياها الإيطاليين، وتنفيذ مشروعاتها الاقتصادية، ثم قامت بإعلان الحرب على الدولة العثمانية، واحتلت مدن طرابلس وبنغازي وطبرق، ثم مدت نفوذها إلى بقية أراضي ليبيا.

قامت إيطاليا بسلب الأراضي من أصحابها الأصليين ووزعتها على المهاجرين الإيطاليين، وحاربت اللغة العربية والدين الإسلامي وجعلت اللغة الإيطالية اللغة الرسمية في البلاد.

1- المقاومة الليبية المسلحة للاحتلال الإيطالي:

بدأت حركة المقاومة منذ دخول المستعمر الإيطالي نادى أحمد الشريف السنوسي بالمقاومة، فاستجاب له الأهالي، وكان كلما توغل الإيطاليون داخل البلاد اشتدت المقاومة من قبل القوات النظامية والقبائل وأتباع السنوسي والمتطوعين.

وعندما بدأت الحرب العالمية الأولى عام 1914م انضمت إيطاليا إلى الحلفاء؛ فمنعت بريطانيا وصول الإمدادات إلى المقاومين الليبيين عن طريق مصر مراعاة لحليفتها، وقام أحمد الشريف السنوسي بهجوم على حدود مصر الغربية الخاضعة للحلفاء، فأرسلت السلطات البريطانية في مصر محمد صالح حرب (قائد نقطة حدود مرسى مطروح) للتفاوض مع السنوسيين للانسحاب، لكن القائد المصري انضم مع جنوده إلى القوات السنوسية، إلا أن استخدام بريطانيا للطائرات في عملية اكتشاف المقاومين في الصحراء أثر في إضعاف مركز القوات السنوسية، وبعد ذلك تمت اتصالات بين محمد بن إدريس السنوسية وممثلي بريطانيا وإيطاليا، فانتهت بعقد هدنة (عكرمة) عام 1919م، التي تقضي بأن:

أ-يقف كل من السنوسيين والإيطاليين عند مناطق التي يسيطرون عليها.

ب-تعيد إيطاليا فتح المدارس والزوايا في برقة.

ج-تسمح إيطاليا بالتبادل التجاري بين مختلف المدن الليبية.

فأعقب ذلك توقيع اتفاقية (الرجمة) عام 1920م، فقسمت برقة إلى قسمين: شمالي يخضع للسيادة الإيطالية، وجنوبي فيه إدارة مستقلة من قبل السنوسيين.

أما طرابلس فقد أعلن الزعماء الوطنيون استقلالها، وإقامة حكومة وطنية فيها، واجتمع الوطنيون في مؤتمر (غريان) في تشرين الثاني 1920م، فاتخذ فيه قرارا بتوحيد المقاومة في برقة وطرابلس، وأرسلوا وفدا للاجتماع بمندوبي الحركة السنوسية؛ فتم اتفاق (سرت) الذي أكد على توحيد الزعامة بانتخاب أمير مسلم، تكون له السلطات الدينية والمدنية على أساس دستور ترضاه الأمة، واختير محمد بن إدريس السنوسي أميرا على طرابلس وبرقة.

وكان من نتائج استيلاء الفاشيين على الحكم في إيطاليا عام 1922م، أن بدأت مرحلة جديدة فشن الإيطاليون حربا برية وجوية وبحرية على مدن وموانئ ليبيا، فاضطر الأمير محمد بن إدريس السنوسي للجوء إلى مصر تاركا أمر قيادة حركة الكفاح في برقة للبطل عمر المختار، وأخذت مدن ليبيا تسقط الواحدة تلو الأخرى في يد الإيطاليين، كما اضطر عدد كبير من المقاومين الليبيين للخروج من بلادهم إلى تونس ومصر ومن ثم الدفاع عن ليبيا من الخارج.

 

وللتعرف على دور البطل عمر المختار في مقاومة الاستعمار الإيطالي اقرأ النص الآتي:

استمرت حركة المقاومة الشعبية العنيفة تسع سنوات، تمثلت في المقاومة الوطنية، التي قادها البطل عمر المختار، فحاولت إيطاليا قمعها بأقسى الأساليب وأكثرها وحشية، فتوغلت داخل البلاد، وقبضت على عمر المختار الذي ظل يقاتل إلى أن وقع عن حصانه بعد إصابته برصاصة؛ فتمكن الجنود الإيطاليون من القبض عليه وإعدامه عام 1931م وهو في الثمانين من عمره مع عدد من رفاقه.

 

 

 

 

 

 

2-ليبيا أثناء الحرب العالمية الثانية وإعلان الاستقلال:

استغل الليبيون فرصة الحرب لاستئناف حركة المقاومة ضد الإيطاليين، فتجمع عدد كبير من المتطوعين الليبيين في مصر، وقام على تدريبهم ضباط من الجيش البريطاني لمساعدتهم في الزحف إلى ليبيا، حتى يتم تطهيرها من الإيطاليين والألمان فتم ذلك في كانون الثاني عام 1943م.

عمر المختار (۱۸۵۸ - ۱۹۳۱ م

 مقاوم وزعيم ليبي حارب قوات الاحتلال الإيطالي منذ دخولها أرض ليبيا، رثاه كثير من الشعراء ومنهم أمير الشعراء أحمد شوقي بأبيات من الشعر قال فيها:

 

ركزوا رفاتك في الرمال لواء                  ستنهض الوادي صباح مساء

 يا ويحهم نصبوا منارا من دم              توحي إلى جيل الغد البغضاء

وأتى الأسير يجر ثقل حديده                أسـد يـجـرر حيـة رقطاء

 إفريقيا مهـد الأسود ولحدها               ضجت عليك أراجلاً ونساءً

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اقترن تحرير ليبيا من الإيطاليين بتقسيمها إلى ثلاث مناطق نفوذ هي: برقة وطرابلس وقد وضعتا تحت الحكم العسكري البريطاني، وفزان وضعت تحت الحكم الفرنسي، وكان للولايات المتحدة الأمريكية قواعد جوية في طرابلس، وهكذا يتضح أن الدول الاستعمارية الكبرى لا تزال مطامعها الاستعمارية قائمة في ليبيا.

واصل الليبيون نضالهم لتحقيق آمالهم باستقلال بلادهم والمحافظة على وحدتها وتحققت لهم هذه الغاية بإعلان استقلال ليبيا في عام 1951م، فتأسست المملكة الليبية المتحدة، ونودي بالأمير محمد بن إدريس السنوسي ملكا عليها، في العام نفسه.

حكم الملك السنوسي ليبيا بعد الاستقلال سبع عشرة سنة في نظام دستوري برلماني ، ثم حدث انقلاب عسكري في 1 أيلول عام 1969م، ألغى الملكية في البلاد، وأعلن الجمهورية بقيادة مجلس ثورة بزعامة العقيد معمر القذافي، الذي أطيح بحكمه بعد ثورة شعبية في تشرين الأول عام 2011م.