حركات التحرر والاستقلال في حوض وادي النيل والقرن الإفريقي وجزر القمر
أولاً: مصر
رفضت الحركة الوطنية المصرية الاحتلال البريطاني لمصر والسودان، فطالبت بالاستقلال وتزعم مصطفى كامل حركة المقاومة التي اتجهت في كفاحها السياسي إلى الرأي العام العالمي في الخارج وأبناء البلاد في الداخل؛ عن طريق نشر المقالات الصحفية، كما قام بإنشاء جريدة اللواء سنة ١٩٠0م، ثم جاءت (حادثة دنشواي) سنة ١٩٠٦م، فكتب مقالات عن هذه الحادثة، أثارت ضجة كبيرة حـول الفضائح البريطانية في مصر، وفي سنة ١٩٠٧م أسس الحزب الوطني لمكافحة الاستعمار، وتوفي عام ١٩٠٨م.
|
حادثة (دنشواي) في حزيران ١٩٠٦م خـرج خمسة ضباط بريطانيين إلى قرية دنشواي لصيد الحمام، فنتج عن إطلاق الرصاص من بنادقهم أن شبت النيران في بيادر الغلال بها، وجرحت إحدى الفلاحات المصريات من أهل القرية؛ فثار أهالي القرية على الضباط، فردوا عليهم بإطلاق النار على الأهالي، وأصابوا أربعة فلاحين ولاذوا بالفرار، إلا أن أحد الجنود أصيب بضربة شمس فتوفي على إثرها، فكانت الطامة الكبرى على أهالي القرية، فقدم أهلها للمحاكمة، وأصدرت المحكمة حكما بإعدام أربعة من أهالي (دنشواي)، وحُبس ومجلد آخرون من سكان القرية |
واصل محمد فريد عمل مصطفى كامل في الكفاح من خلال كتابة المقالات والخطب وتوضيح وجهة النظر الوطنية، وطالب بحرية الصحافة، باعتبارها وسيلة لزيادة الوعي المصري،وساهم في عقد المؤتمرات في أوروبا لتوعية الأوروبيين بالمسألة المصرية، فقامت بريطانيا بمحاكمته ونفيه إلى خارج مصر
1 - مصر بعد الحرب العالمية الأولى
استغلت بريطانيا قيام الحرب العالمية الأولى عام ١٩١٤م، فأعلنت حمايتها على مصر، وعملت على زيادة قواتها في منطقة قناة السويس، فجعل ذلك من مصر أهم القواعـد العسكرية للحلفاء، وقامت بريطانيا بخلع الخديوي عباس حلمي الثاني وتعيين الأمير حسن كامل أحد أمراء الأسرة الخديوية، ومنحته لقـب سلطان مصر، وحرمت بريطانيا مصر من مظاهر الحكم النيابي؛ فعطلت الجمعية التشريعية، وسخرت موارد مصر لخدمتها.
طـالـب الوطنيون المصريون بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى بإلغاء الحماية وإعلان الاستقلال. ولتحقيق مطالبهم عمت مصر ثورات عديدة منها ثورة عام ١٩١٩م، وللتعرف إلى أسبابها تأمل الشكل الآتي:
|
أسباب ثورة عام 1919م |
|||
|
رفــض الحمايـة البريطانية، والمطالبـة بالاستقلال |
قيام بريطانيا بتسخير موارد مصر لخدمة قواتها
|
إعلان مبادئ الرئيس الأمريكي (ولسن) المتضمنة حق الشعوب في تقرير مصيرها |
عدم السماح لسعد زغلول ورفاقه بعرض قضية بلادهم في مؤتمر الصلح في فرساي عام 1919م، ونفيهم خارج البلاد. |
وعلى إثر نفي سعد زغلول ورفاقه عمت المظاهرات مصر فردت بريطانيا بقمعها بمختلف الوسائل، إلّا أنّ المصريين أصروا على تحقيق الاستقلال، فلجأت بريطانيا إلى سياسة المفاوضات، فأرسلت لجنة ملـنر (وزير المستعمرات البريطانيـة) للتحقيق في أسبـاب الثورة لكـن المصريون قاطعوها. اشتعلت الثورة من جديد، وأنشئت الأحزاب والجمعيات السرية للمقاومة، وقاطع الشعب المصري البضائع البريطانية وامتنع السياسيون عن المشاركة في الوزارة؛ فاضطرت بريطانيا إلى إصدار تصريح شباط عام ١٩٢٢م الذي تضمن إلغاء الحماية والاعتراف بالاستقلال الشكلي لمصر.
رفض المصريون تصريح شباط عام ۱۹۲۲ م، واستمروا في النضال من أجل الاستقلال التام، فلجـأت بريطانيا إلى تهدئة الأوضاع لمواجهة التوترات الدولية التي أدت إلى قيام الحرب العالمية الثانية فعقدت مع مصر معاهدة عام ١٩٣٦م والتي نصت على:
1- جلاء القوات البريطانية عن مصر، مع بقائها في منطقة قناة السويس.
ب - حق بريطانيا في استخدام الأراضي المصرية في حالة الحرب.
ج - بقاء السودان تحت الحكم الثنائي.
د - مدة المعاهدة عشرون سنة وتجدد باتفاق الطرفين.
طالب المصريون بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بجلاء القوات البريطانية وإلغاء معاهدة 1936م، ولما رفضت الحكومة البريطانية ذلك قامت مصر بإلغائها من طرف واحد عام 1951م.
2- ثورة تموز عام ١٩٥٢م
للتعرف على أسباب وأهداف ثورة تموز عام ١٩٥٢ تأمل الشكل الآتي،
|
ثورة تموز عام ١٩٥٢م: أسبابها وأهدافها |
|
|
أسبابها
|
أهدافها
|
وكان من أهم منجزات ثورة عام ١٩٥٢م تأميم قناة السويس والذي نجم عنه أن تعرضت مصر لعدوان عسكري ثلاثي، اشتركت فيـه بريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني عام 1956م لإخضاع مصر وإلغاء تأميم القناة.
|
التأميم إجراء تلجأ إليه الدولة لتنقل إليها ملكية مشروعات أو مؤسسات كانت في أيدي الأفراد أو الهيئات، وتتولى الدولة إدارتها نيابة عن الأمة للصالح العام، أي انتقال الملكية من خاصة إلى ملكية عامة. |
ثانياً: السودان
وقعت الحكومة البريطانية مع الحكومة المصرية اتفاقية السودان في ١٩ من كانون الثاني عام ۱۸۹۹ م والتي عرفت باتفاقية الحكم الثنائي، وبذلك أصبح السودان مستعمرة بريطانية يحكمها حاكم بريطاني، مطلق الصلاحية في النواحي التشريعية والقضائية والتنفيذية، ولم تكتف بريطانيا بالاستئثار بالحكم الفعلي دون مصر، بل واستغلت خيراته وموارده، وعرقلت تطوره؛ فأدى ذلك
إلى تأخر تقدمه اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وأحيت بريطانيا سلطة مشايخ القبائل وقريتهم إليها.
1 - المقاومة الوطنية السودانية للاحتلال البريطاني
ظهرت أول مقاومة للاحتلال البريطاني في غرب السودان خلال الحرب العالمية الأولى على يد الزعيم المحلي (علي دينار)، وقد خشيت بريطانيا عواقب هذه الحركة الثورية؛ فاتهمت صاحبهـا بالاتفاق مع السنوسيين الذين كانوا يهاجمون في تلك الفترة حدود مصر الغربية بالتآمر مع العثمانيين، وقامت بالقضاء عليه في أيار عام ١٩١٦م، وتأثـر السودانيون بعد ذلك بأحداث مصر التي تلت الحرب العالمية الأولى وثورة عام ١٩١٩م، ومن ثم قاد الضابط السوداني علي عبد اللطيف حركة الكفاح ضـد الاستعمار البريطاني، فأصدرت بريطانيا عام ۱۹۲۲ م قانون المناطق المقفلة الذي عزل مناطق الجنوب خاصة، فلا يدخلها حتى السوداني إلا بإذن الحاكم العام، بهدف عزل جنوب السودان عن شماله وفتحه أمام الإرساليات التبشيرية.
صـاغ علي عبد اللطيف أفكار الوطنيين في بيان أصدره في أيار عام ١٩٢٢م، وسماه مطالب الأمة السودانية، وكانت السبب في إلقاء القبض عليه وسجنه، وخرج علي عبد اللطيف من السجن عام ١٩٢٣م لمواصلة النضال، فألف في عام ١٩٢٤م جمعية اللواء الأبيض، وجعل علـم الجمعية خريطة وادي النيل، وأنشـأ للجمعية فروعا للاتصال بالمركز في الخرطوم، وقاد المظاهرات ضد بريطانيا، وفي الوقت نفسه تأسست جمعية أخرى باسم (الاتحاد السوداني)، وقامت بدورها أيضا في التحرير؛ فشعرت السلطات البريطانية بالخطر من هذه الحركات، وقدمت أعضاءها البارزين للمحاكمة في تموز ١٩٢٤م بتهمة التآمر على قلب نظام الحكم، وحكمت عليهم بالسجن سنوات عديدة فثار طلاب المدرسة الحربية فلقوا المصير نفسه.
عقد الشباب السوداني مؤتمرا عـام ۱۹۳۸ م تحت مسمى مؤتمر الخريجين، فنتج عنه تقديم مذكرة إلى الحاكم العام البريطاني يطالبون فيها تحسين أوضاع الشعب السوداني، ثم تحول المؤتمر إلى حركة سياسية بعد الحرب العالمية الثانية. وللتعرف إلى مطالب أعضاء المؤتمر تأمل الشكل الآتي:
|
حق السودان في تقرير مصيره
|
تأسيس مجلس سوداني للتعليم وهيئة سودانية للنظر في القوانين |
|
إلغاء قانون المناطق المقفلة |
إشراك السودانيين في الحكم |
|
رفض الحاكم البريطاني هذه المطالب، وتعرض أعضاء المؤتمر للاضطهاد البريطاني، فانقسم عام 1945م إلى حزبين: |
|
|
الأشقاء: دعا إلى الوحدة مع مصر
|
الأمة: طالب باستقلال السودان وانفصالها عن مصر |
2- اتفاقية السودان عام 1953م وإعلان الاستقلال
بعـد قيام ثورة تموز في مصر عام ١٩٥٢م، تبنت قيادة الثورة حـل قضية السودان، وأجرت مفاوضات مع بريطانيا توصلت من خلالها إلى عقد اتفاقية عام ١٩٥٣م، تنص على ما يلي:
أ - إعطاء السودان حق تقرير المصير بعد انتقالية مدتها ثلاث سنوات.
ب – الاعتراف بوحدة أرض السودان شماله وجنوبه.
ج- إعطاء السودان حرية الاختيار إما الارتباط مع مصر أو الاستقلال.
وكانت نتيجة هذه الاتفاقية أن اختار السودانيون الاستقلال التام بتاريخ 1 كانون الثاني عام 1956م، وانضمت السودان بعدها إلى جامعة الدول العربية وهيئة الأمم المتحدة.
|
هل تعلم أن رئاسة السودان تناوب عليها عدد من الرؤساء منهم جعفر النميري، وعبد الرحمن سوار الذهب، ويحكم السودان منذ عام ١٩٨٩م المشير عمر حسن البشير، وفي عهده انفصل جنوب السودان عن شماله في عام ٢٠١١م باسم ”جمهورية جنوب السودان “، برئاسة جون قرنق وتبلغ ساحتها 619 ألف كيلومتر مربع وعاصمتها جوبا. |
ثالثاً: دول القرن الإفريقي
ظهرت المقاومة الوطنية في الصومال منذ مطلع القرن العشرين الميلادي، بظهور الزعيم الوطني محمـد عبـدالله حسن الذي وحد العـائـل الصومالية وأطلق علـى أتباعه الدراويش، كما ظهرت الأحـزاب الوطنية الصومالية ووحدت جهودها لنيل الاستقلال، وتحقق ذلك باستقلال الصومال البريطاني والصومال الإيطالي باسم دولة الصومال عام ١٩٦٠م برئاسة محمد سياد بري الذي استمر بالحكم حتى عام ١٩٩١م، وأمـا جيبوتي (الصومال الفرنسي) فقد نالت استقلالها عام ۱۹۷۷ م، وتم انتخاب حسن جوليد رئيسا لها حتى عام ١٩٩٩م.
رابعا: جزر القمر
خضعت جزر القمر للحماية الفرنسية مد عام ۱۸۹۲ ء، واتبعت فرنسا فيها سياسة استعمارية استغلالية، فسيطرت على الاقتصاد والثقافة في البلاد، وأبقت على السكان في حالة من الجهل والفقر والمرض، فظهرت حركة وطنيـة تقـاوم الاستعمار الفرنسي وتطالب بالاستقلال، وفي عام ١٩٧٤م جرى الاستفتاء على الاستقلال فأعلن المجلس النيابي استقلال جزر القمر عن فرنسا عام 1975م
|
جزر القمر دولة عربية تقع شرق إفريقيا وتتكون من أربع جزر تقع في المحيط الهندي هي: جزير: لقمر الكبرى، وأنجوان، وموهلي، ومايوت وعاصمتهـا مـوروني، دخل إليهـا الإسلام عن طريق التجار والدعاة وحكمها السلاطين العرب حتى سيطر عليها البرتغاليون عام 1505م غير أن السكان ثاروا على البرتغاليين بسبب القسوة والوحشية التي عاملوا بهـا الأهالي، ثم انتهت الثورات بطرد البرتغاليين من البلاد. |