تاريخ العرب

الأول ثانوي أدبي

icon

عوامل ضعف الدولة العثمانية وانهيارها

بدأت بوادر الضعف على الدولة العثمانية منذ أواخر القرن السابع عشر الميلادي عندما استطاع الغـرب الأوروبي إيقاف التوسع العثماني عند حدود فيينا عاصمة النمسا، وقد تعرض العثمانيون لهزائم أمام روسيا في القرن الثامن عشر الميلادي انتهت بمعاهدة كوجوك قينارجه عام 1774م وقد ساهمت عـدة عوامل داخلية وخارجية في انهيار الدولة العثمانية.

معاهدة كوجوك قينارجه عام ١٧٧٤م ،

عقدت بين روسيا والدولة العثمانية تنازلت بموجبها ، وقد ساهمت الدولة العثمانية عن سيادتها في شبه جزيرة القرم، بعض الأراضي لروسيا ومنحت روسيا امتيازات تجارية ودينية كإقامة كنيسة أرثوذكسية في إستانبول.

 

أولا: العوامل الداخلية

۱ – اتساع الدولة وعدم تجانس سكانها

توسعت الدولة العثمانية في مساحات واسعة امتدت في ثلاث قارات، وضمت شعوبا غير متجانسة من الناحية العرقية واللغوية والدينية والثقافية والتاريخية، وللتعرف إلى ذلك تأمل

الخريطة الآتية، ثم أجب عن الأسئلة التي تليها:

  • اذكر القارات التي توسعت فيها الدولة العثمانية.

آسيا ، أفريقيا ، أوروبا

بلغت الإمبراطورية العثمانية في القرن السادس عشر الميلادي أقصى اتساع لهـا، إلا  أنها اصطدمت بقوى سياسية وعسكرية أدت إلى توقف توسعها  ، وتمثلت تلك القوى في ،  روسيا القيصرية من الشمال، والدول الأوروبية وعلى رأسها النمسا وإسبانيا من الغرب، والاستعمار البرتغالي والهولندي في الخليج العربي وإيران من الشرق .

وترتب على ضعف الدولة العثمانية انفصال بعض الأقاليم عنها، وقد شكل انفصال البلقان وإعلانها الحرب على الدولة العثمانية تحولا خطيرا؛ إذا أدى ذلك إلى:

1-بروز الحركة القومية الطورانية.

2- قيام ثورات ذات طابع قومي منها الثورة الألبانية .

 3- قيام الحرب العالمية الأولى عام ١٩١٤م.

 

 2- ضعف بعض السلاطين العثمانيين والفساد الإداري

انتهى عهد السلاطين الأقوياء بموت السلطان سليمان القانوني عـام 1566م، ففي الفترة ما بين (1566- 1718م) حكـم الدولة العثمانية مجموعة من السلاطين لم يترك أغلبهم أثرا، ويعتبر عهد السلطان مراد الثالث (١٥٧٤-١٥٩٥م) نقطة تحول في تاريخ الدولة العثمانية بين عهود السلاطين الأقوياء وما تلاهم من فترة ضعف السلاطين، فقد ترك السلاطين مسائل الدولة العليا في أيدي الوزراء والذين غالبا يصلون إلى مناصبهم في الدولة العثمانية عن طريق الرشوة والمحسوبية، وأصبح نفوذهم ينمو على حساب صلاحيات السلطان العثماني.

وكان السيطرة الحاشية على بعض السلاطين العثمانيين دور كبير في إضعافهم، فبدأت هذه الفئات التدخل في الشؤون العامة للدولة لتحقيق مصالحها الخاصة؛ فعملت على إجبار رجال الدولة على تنفيذ رغباتها، وكان مصير مـن يعارضهم العـزل أو القتل، فتسارع المقربون من السلطان على جمع الثروات الطائلة، وأدى ذلك إلى إضعاف الدولة وإفلاس خزائنها، فتدمر الأهالي والجيش؛ مما أدى لحدوث ثورات بين صفوف الإنكشارية.

ورغم أن الدولة العثمانية قامت بعدة محاولات إصلاحية إلا أنها واجهت مقاومة المتنفذين في الدولة؛ لأن تلك الإصلاحات تحد من امتيازاتهم ونفوذهم.

 

3- ضعف الجيش

يعود ضعف الجيش للأسباب الآتية:

ا - ضعف السلاطين العثمانيين أنفسهم وإغفالهم لشؤون الجيش والقتال، وتدخل الجيش

في تعيين السلاطين وخلعهم.

 ب - إلغاء الضريبية التي كانت تزود فرق الإنكشارية بالعناصر البشرية؛ مما أدى إلى تحول العسكرية إلى وراثية في صفوف الإنكشارية.

ج - فقدان الإنكشارية صفاتها القتالية، وتراجع دورها بعد السماح لهم بالاختلاط بالسكان المحليين، والانخراط في الوظائف المدنية.

د - انتشار الرشوة عند تعيين قادة الجيش.

هـ - عدم إدخال التحسينات على الأسلحة والأساليب القتالية للجيش.

و- نظام الإقطـاع الحربي الذي أدى إلى انشغال الجيش بأراضيهم الزراعية على حساب انتمائهم العسكري ثم مقاومتهم للإصلاحات.

 

4 - تدهور الأوضاع الاقتصادية

تضافرت عدة عوامل أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية في الدولة العثمانية ومنها.

أ - فقدان الأمن والاستقرار

ب - سيطرة الأوروبيين على صناعة الغزل والحرير.

ج- إقامة المعارف الحسية منذ أواسط القرن التاسع عشر الميلادي ودورها في خدمة المصالح الاقتصادية الغربية على حساب المصلحة العثمانية.

د- لجوء الدولة العثمانية إلى الاستدانة من الدول الأوروبية.

هـ - تراجع دور التنظيمات الحرفية والمهنية بسبب عدم قدرتها على منافسة الصناعات الأوروبية.

 

5 - سيطرة الاتحاديين على السلطة

بدأ الاتحاديون يمارسون سياسة متعصبة تمثلت بسياسة التتريك التي نتج عنها :

أ- سوء العلاقة بين العرب والأتراك نتيجة السياسـة التـي اتبعها حزب الاتحاد والترقي

سياسة التتريك

سياسة عنصرية مارسها الاتحاديون ضد العرب والقوميات الأخرى؛ لفرض اللغة

التركية في التعليم  وفي المؤسسات الحكومية وإهمال اللغة العربية .

ب - ظهور اتجاهـات سياسية متباينة لدى الاتحاديون حيـث أيد بعضهم الحركة القومية الطورانية، بينما دعا الاتجاه الآخـر للمحافظة على الدولة العثمانية وبناء مؤسسات حديثة تمكنها من ضمان ولاء كل الفئات الدينية والعرقية الخاضعة للدولة.

وقد أدت سياسة التريك والنهـج المتغطرس الذي مارسه الاتحاديون ضد العرب إلى تخلف المنطقة وغرقها في بحر الجهل والفقر والاستبداد، إلى جانب الاستيلاء على ثروات المنطقة العربية وتسخير أبنائها واستنزاف طاقاتهم لخدمة مصالحهم.

 

ثانيا : العوامل الخارجية وأثرها في ضعف الدولة العثمانية

1 - الأطماع الاستعمارية الأوروبية

بدأت بوادر الضعف على الدولة العثمانية أمام الغرب منذ أواخر القرن السابع عشر الميلادي عند بروز التفوق الأوروبي على الدولة العثمانية، فأصبحت الدول الأوروبية تتنافس فيما بينها للسيطرة على أراضي الدولة العثمانية، وكانت روسيا أكثر الدول تهديدا للدولة العثمانية طوال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر للميلاد، ونظرا للهزائم المتعددة التي لحقت بالدولة العثمانية سميت برجل أوروبا المريض، وقد أثارت روسيا مشكلة الرجـل المريض ووراثة ممتلكاته عام ١٨٥٣م واقترحت على الدول الأوروبية تقسيم الأملاك العثمانية فيما بينها، إلا أن اختلاف تلك الدول على اقتسام أملاك الدولة العثمانية أدى إلى تزايد التنافس والصراع فيما بينها بما عرف بالمسألة الشرقية .

  • ما المقصود بالمسألة الشرقية؟

رغبة الدول الأوروبية بتقسيم أملاك الدولة العثمانية بينها، إلا أن اختلاف تلك الدول على اقتسام أملاك العثمانيين، أدى إلى تزايد التنافس والصراع في ما بينهم .

 

2 - الهزائم التي لحقت بالدولة العثمانية

خاضت الدولة العثمانية عدة حروب خارجية أدت إلى فقدان أجزاء من أراضيها ومن تلك الحروب:

أ - الحرب مع فرنسا: تمثلت بحملة نابليون بونابرت على مصر وبلاد الشام في الفترة ما بين عامي (۱۷۹۸- ۱۸۰۱ م)؛ وما نتج عنها فيما بعد من احتلال أجزاء كبيرة من المغرب العربي .

ب - الحرب مع النمسا: نتج عنها تنازل العثمانيين عن البوسنة والهرسك للنمسا عام ١٩٠٩م.

ج - الحرب مع إيطاليا: ونتج عنها تخلي الدولة العثمانية عن طرابلس وبنغازي بموجب صلح (آرُشِّيَ) عام ١٩١٢م.

كما سعت بريطانيا لتأمين طرق مواصلاتهـا إلى مستعمراتها في الهند وشرق آسيا عن طريق السيطرة على قناة السويس والبحر الأحمر وعدن والخليج العربي.

 

ثالثا: انهيار الدولة العثمانية

أدى دخول الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى عام 1914م إلى جانب دول الوسط

ضد  دول الخلفاء إلى التعجيل بانهيارها، فقد قام الحلفاء باحتلال أجزاء كبيرة من أراضي الدولة العثمانية ، فاضطر الأتراك للقتال على جبهات متعددة أغلبها دفاعية وكان لدخول الولايات  المتحدة الأمريكية الحرب العالمية الأولى دور في ترجيح كفة الحلفاء رغم خروج روسيا من الحرب إثر الثورة البلشفية عـام ۱۹۱۷ م، مما أخـبر الأتراك على توقيع هدنة (مدروس) عام ١٩١٨م التي نصت على استسلام الدولة العثمانية لقوات الحلفاء التي دخلت إستانبول دون قيد أو شرط، وفي عام ١٩٢٣م جـرى التوقيع على معاهـدة (لوزان) مع الحلفاء نصت بنودها على الاعتراف بعودة السيادة التركية على أراضيها، ثم أصـدر المجلس الوطني التركي بتاريخ 1 آذار ١٩٢٤م قانوناً جديداً نص على تأسيس الجمهورية التركية الحديثة، وانتخاب مصطفى كمال أتاتورك رئيسا للجمهورية.

مصطفى كمال أتاتورك

مؤسس الجمهورية التركية  الحديثة انخرط في العمل الثوري منذ  شبابه، أسس مع بعض الضباط الأتراك  جمعية وطن عـام 1906م وأنشأ فروعـاً لها في القدس  وبيروت وسالونيك، أصبـح أول رئيس للجمهورية التركية في عام ١٩٢٣م ، واستمر حتى وفاته عام ١٩٣٨م.