بدأت بوادر الضعف على الدولة العثمانية منذ أواخر القرن السابع عشر الميلادي عندما استطاع الغـرب الأوروبي إيقاف التوسع العثماني عند حدود فيينا عاصمة النمسا، وقد تعرض العثمانيون لهزائم أمام روسيا في القرن الثامن عشر الميلادي انتهت بمعاهدة كوجوك قينارجه عام 1774م وقد ساهمت عـدة عوامل داخلية وخارجية في انهيار الدولة العثمانية. ومن أهم العوامل الداخلية
- اتساع الدولة وعدم تجانس سكانها حيث توسعت الدولة العثمانية في مساحات واسعة امتدت في ثلاث قارات، وضمت شعوبا غير متجانسة من الناحية العرقية واللغوية والدينية والثقافية والتاريخية، بلغت الإمبراطورية العثمانية في القرن السادس عشر الميلادي أقصى اتساع لهـا، إلا أنها اصطدمت بقوى سياسية وعسكرية أدت إلى توقف توسعها ، وتمثلت تلك القوى في ، روسيا القيصرية من الشمال، والدول الأوروبية وعلى رأسها النمسا وإسبانيا من الغرب، والاستعمار البرتغالي والهولندي في الخليج العربي وإيران من الشرق .
وترتب على ضعف الدولة العثمانية انفصال بعض الأقاليم عنها، وقد شكل انفصال البلقان وإعلانها الحرب على الدولة العثمانية تحولا خطيرا؛ إذا أدى ذلك إلى: بروز الحركة القومية الطورانية، قيام ثورات ذات طابع قومي منها الثورة الألبانية ، قيام الحرب العالمية الأولى عام ١٩١٤م.
- ضعف بعض السلاطين العثمانيين والفساد الإداري
انتهى عهد السلاطين الأقوياء بموت السلطان سليمان القانوني عـام 1566م، ففي الفترة ما بين (1566- 1718م) حكـم الدولة العثمانية مجموعة من السلاطين لم يترك أغلبهم أثرا
فقد ترك السلاطين مسائل الدولة العليا في أيدي الوزراء والذين غالبا يصلون إلى مناصبهم في الدولة العثمانية عن طريق الرشوة والمحسوبية، وأصبح نفوذهم ينمو على حساب صلاحيات السلطان العثماني. وكان السيطرة الحاشية على بعض السلاطين العثمانيين دور كبير في إضعافهم، فبدأت هذه الفئات التدخل في الشؤون العامة للدولة لتحقيق مصالحها الخاصة؛ فعملت على إجبار رجال الدولة على تنفيذ رغباتها، وكان مصير مـن يعارضهم العـزل أو القتل، فتسارع المقربون من السلطان على جمع الثروات الطائلة، وأدى ذلك إلى إضعاف الدولة وإفلاس خزائنها، فتدمر الأهالي والجيش؛ مما أدى لحدوث ثورات بين صفوف الإنكشارية.
- ضعف الجيش : يعود ضعف الجيش للأسباب الآتية:
ا - ضعف السلاطين العثمانيين أنفسهم وإغفالهم لشؤون الجيش والقتال، وتدخل الجيش في تعيين السلاطين وخلعهم.
ب - إلغاء الضريبية التي كانت تزود فرق الإنكشارية بالعناصر البشرية؛ مما أدى إلى تحول العسكرية إلى وراثية في صفوف الإنكشارية.
ج - فقدان الإنكشارية صفاتها القتالية، وتراجع دورها بعد السماح لهم بالاختلاط بالسكان المحليين، والانخراط في الوظائف المدنية.
د - انتشار الرشوة عند تعيين قادة الجيش.
هـ - عدم إدخال التحسينات على الأسلحة والأساليب القتالية للجيش.
و- نظام الإقطـاع الحربي الذي أدى إلى انشغال الجيش بأراضيهم الزراعية على حساب انتمائهم العسكري ثم مقاومتهم للإصلاحات
- تدهور الأوضاع الاقتصادية: تضافرت عدة عوامل أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية في الدولة العثمانية ومنها.
أ - فقدان الأمن والاستقرار
ب سيطرة الأوروبيين على صناعة الغزل والحرير.
ج- إقامة المعارف الحسية منذ أواسط القرن التاسع عشر الميلادي ودورها في خدمة المصالح الاقتصادية الغربية على حساب المصلحة العثمانية.
د- لجوء الدولة العثمانية إلى الاستدانة من الدول الأوروبية.
هـ - تراجع دور التنظيمات الحرفية والمهنية بسبب عدم قدرتها على منافسة الصناعات الأوروبية.
- سيطرة الاتحاديين على السلطة: بدأ الاتحاديون يمارسون سياسة متعصبة تمثلت بسياسة التتريك
-
- سوء العلاقة بين العرب والأتراك نتيجة السياسـة التـي اتبعها حزب الاتحاد والترقي
- ظهور اتجاهـات سياسية متباينة لدى الاتحاديين حيـث أيد بعضهم الحركة القومية الطورانية
ومن العوامل الخارجية وأثرها في ضعف الدولة العثمانية:
- الأطماع الاستعمارية الأوروبية بدأت بوادر الضعف على الدولة العثمانية أمام الغرب منذ أواخر القرن السابع عشر الميلادي عند بروز التفوق الأوروبي على الدولة العثمانية، فأصبحت الدول الأوروبية تتنافس فيما بينها للسيطرة على أراضي الدولة العثمانية
-الهزائم التي لحقت بالدولة العثمانية
خاضت الدولة العثمانية عدة حروب خارجية أدت إلى فقدان أجزاء من أراضيها ومن تلك الحروب: الحرب مع فرنسا، الحرب مع النمسا، الحرب مع إيطاليا
أدى دخول الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى عام 1914م إلى جانب دول الوسط ضد دول الخلفاء إلى التعجيل بانهيارها، فقد قام الحلفاء باحتلال أجزاء كبيرة من أراضي الدولة العثمانية ، فاضطر الأتراك للقتال على جبهات متعددة أغلبها دفاعية وكان لدخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب العالمية الأولى دور في ترجيح كفة الحلفاء رغم خروج روسيا من الحرب إثر الثورة البلشفية عـام 1917م، مما أخـبر الأتراك على توقيع هدنة (مدروس) عام 1918 م التي نصت على استسلام الدولة العثمانية لقوات الحلفاء التي دخلت إستانبول دون قيد أو شرط، وفي عام 1923 م جـرى التوقيع على معاهـدة (لوزان) مع الحلفاء نصت بنودها على الاعتراف بعودة السيادة التركية على أراضيها، ثم أصـدر المجلس الوطني التركي بتاريخ 1 آذار 1924م قانونا جديداً نص على تأسيس الجمهورية التركية الحديثة، وانتخاب مصطفى كمال أتاتورك رئيسا للجمهورية.