تطور النقد الأدبي في العصر الأموي في بعض نواحيه عما كان عليه في العصر الجاهلي وعصر صدر الإسلام ، فبرزت بعض المظاهر النقدية وتجلى ذلك في ثلاث بيئات هي : الحجاز ،والعراق ، والشام . حيث تلون في كل بيئة بلون خاص تبعاً لظروف الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي أحاطت بها .
النقد الأدبي في الحجاز :
المظاهر النقدية التي ميزت البيئة الحجازية :
1- تعليل الموازنات النقدية :
ومن ذلك موازنة عبد الله بن أبي عتيق بين كثير عزة وابن قيس الرقيات ، فجعل ابن قيس الرقيات أشعر منه لأنه وصف النساء بالبخل والامتناع ، ولم يصفهن بالوفاء بالأمانة كما فعل كثير عزة .
2- السرقات الأدبية :
بدأ الحديث عن السرقات الأدبية منذ العصر الجاهلي ، لكن الخوض في هذه الظاهرة والاهتمام بها انتشر في البيئة الحجازية في العصر الأموي بصورة واضحة ، ومن ذلك أن الفرزدق قال لكثير أنت أنسب العرب حين تقول:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما تمثل لي ليلى بكل سبيل
وهنا أراد الفرزدق أن يعرّض لكثير بسرقته من جميل بثينة حين قال :
أريد لأنسى ذكرها فكأنما تعرض لي ليلى على كل مرقب
3- عرض المقاييس النقدية :
ظهر في هذا العصر من النقاد الذين يعرضون مقاييسهم النقدية كابن أبي عتيق ، حيث يعرض في نقده العاطفة بعض المقاييس ، فالعاطفة الصادقة في نظره هي ما تنبعث من أسباب صحيحة غير زائفة ،و على الشاعر أن يكون أميناً مع نفسه وعواطفه حتى يقنع السامع بصدق هذه العواطف .
4- تعميم الحكم النقدي :
فنجد كثيراً من النقاد يصدرون أحكاماً نقدية عامة بحق بعض الشعراء لإجادتهم في بعض أغراضهم الشعرية ، فيجعلونهم أشعر الناس في تلك الأغراض .
5- النقد النسوي :
ومن أشهر اللواتي تصدرن للنقد الأدبي سكينة بنت الحسين فقد كانت أديبة ناقدة ، ومن أمثلة نقدها أنها سمعت من الفرزدق وجرير وكثير عزة ثم انتهت إلى جميل بثينه فأنشدها :
(لكل حديث بينهن بشاشة وكل قتيل بينهن شهيد ) فقالت لجميل بثينة أنت أشعرهم لأنك أغزلت وكرمت وعففت ، أنت الذي جعلت قتيلنا شهيداً وحديثنا بشاشة .ومنهن أيضا عائشة بنت طلحة .
النقد الأدبي في بيئة العراق :
اختلف الأدب في بيئة العراق عما كان عليه في الحجاز ، فهو في العراق يشبه إلى حد كبير الأدب الجاهلي في مضامينه وأساليبه ، ويعود ذلك إلى عامل العصبية القبلية التي عادت إلى الظهور من جديد . فقد كانت أبرز موضوعات الأدب في العراق : الفخر والهجاء .
المظاهر النقدية التي ظهرت في بيئة العراق :
1- شعراء النقائض :
ظهر شعراء النقائض ومن أشهرهم : الفرزدق وجرير والأخطل فأولع الناس بشعرهم ، وصارت لهم سوق يجتمعون فيها تسمى سوق المربد تشبه سوق عكاظ في الجاهلية ، حيث يفد إليها الناس من كل الجهات ،والشعراء يتناشدون فيها الأشعار .
2- السرقات الشعرية .
3- فساد المعاني .
4- شيوع النقد اللغوي :
كثر نقد النحاة في العراق للشعراء فقد قام نقدهم على أسس موضوعية علمية لغوية ، وكان عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي أكثر علماء هذا الجيل نقداً للفرزدق في شعره .
النقد الأدبي في بيئة الشام :
ازدهرت الحركة النقدية في بلاط الخلفاء الأمويين لأن دمشق كانت عاصمة الخلافة الأموية يفد إليها الشعراء المداحون من كل الجهات ، وكان بنو أمية عرباً فصحاء يتذوقون الشعر ، ويعجبون به ، ويكافئون عليه .
كان الغالب على أدب الشام المدح اللائق بأصحاب القصور ، وكان الشعراء الموالون للخلفاء الأمويين أكثر من شعراء أي حزب آخر ، وأهم الشعراء الفحول: الفرزدق والأخطل وجرير إضافة إلى أعشى ربيعة وعدي بن الرقاع الشيباني وأبي صخر الهذلي ،فقد أدى الإكثار من المدح إلى الإكثار من نقده ، وكان أكثر النقد من الخلفاء والأمراء وأشهر هؤلاء عبد الملك بن مروان الذي يعد الناقد الأول في الشام ، إذ كان يحب الشعر ويعقد المجالس الحافلة بالشعراء والأدباء.
الظواهر النقدية في بيئة الشام :
1- نقد الأفكار .
2- نقد الصورة .
3- نقد القوافي .
4-نقد الخطابة .
5- إثارة الروح النقدية بين الشعراء في بيئة الشام في مجالس الخلفاء .