الفكرة الرئيسة: رَبطتِ العقيدةُ الإِساميّةُ بينَ الإِيمانِ والعملِ؛ فالإيمانُ الصَّحيحُ دافعٌ إلى القيامِ بالعملِ الصَّالحِ، ورادعٌ عَنْ فِعلِ المعاصي. والإيمانُ: هو التَّصديقُ الجازمُ بثوابتِ الإسلامِ. وهو لا يأخذُ صفتَهُ الصَّحيحةَ وقيمتهُ الإيجابيّةَ إلا إذا اقترنَ بالعملِ؛ فمنْ مقتضياتِ الإيمانِ: القيامُ بالأَعمالِ الصَّالحةِ. |
أولاً: دعوةُ الإيمانِ إِلى العملِ
- ربطَ القرآنُ الكريمُ في كثيرٍ من الآياتِ الكريمةِ بينَ الإيمانِ والعملِ الصَّالح، قالَ تعالى: ) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ( [البقرة: 25]، وذلكَ أنَّ الإيمانَ أساس العملِ الصالح.
- ذكرَ اللهُ تَعالى في كتابهِ الكريمِ ) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ( في نحو خمسينَ آيةً، وهذا يبينُّ أنّ الإيمانَ الذي ينفعُ صاحبهُ عندَ اللهِ هو المُقترنُ بالعملِ الصَّالِح.ِ
- والإيمانُ من أَهمِّ الحوافزِ نحوَ فعلِ الخيرِ والعملِ الإيجابيِّ، وذلكَ مِنْ أَجلِ تحقيقِ النّفعِ للنّاسِ، فمنْ مجالاتِ العملِ الصَّالحِ:
أ. القيامُ بالعباداتِ، قالَ تعالى: ) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴿3﴾ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ(. [الأنفال: 3 – 4].
ب. حُسنُ التَّعاملِ مَعَ النَّاسِ، قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَن كانَ يُؤْمِنُ باللهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جارَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ » [متفق عليه].
ج. التحلّيِ بالأخلاقِ الفاضلةِ، قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «ليسَ المؤمنُ بالطَّعَّانِ، ولا اللَّعَّانِ، ولا الفاحشِ، ولا البَذيءِ » [رواه الترمذي].
د. تجنّبُ المحرماتِ؛ فالإيمانُ هو الذي يردعُ صاحبهُ عن ارتكابِ المعاصي، قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهو مُؤْمِنٌ » [متفق عليه].
ثانيًا: ثمراتُ الرَّبط بينَ الإيمانِ والعملِ
لمواظبةِ المؤمنينَ على القيامِ بالأَعمالِ الصَّالحةِ ثمراتٌ كثيرةٌ منها:
أ. نيلُ الدَّرجاتِ العاليةِ يَومَ القيامةِ، قالَ تَعالى: ) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى( [طه: 75].
ب. الحياةُ الطّيبةُ، قالَ تَعالى: ) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ( [النحل: 97].
ج. النّصرُ والأمنُ، قالَ تَعالى: ) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا( [النور: 55].
د. الإيمان يجعل المسلم يستمع للحق ويمتثل لأوامر الله تعالى فيستجيب لها، قال تعالى: ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ). [البقرة: 285].
هـ. حب الله تعالى للعبد، واستجابة دعائه، يقول رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ تَعَالَ قَالَ: منْ عادى لي وَلِيًّا فقدْ آذنتهُ بالحْربِ، وَمَا تقرَّبَ إِلَيَ عبْدِي بِشَيءٍ أَحبَّ إِلَيَّ مِّمَا افْتَرَضْت عليْهِ، وَمَا يَزالُ عَبْدِي يتقرَّبُ إِليَّ بالنَّوافِلِ حَتَّى أُحِبَّه، فَإِذا أَحبَبْتُه كُنْتُ سمعهُ الَّذي يسْمعُ بِهِ، وبَصره الَّذِي يُبصِرُ بِهِ، ويدَهُ الَّتي يَبْطِش بِهَا، ورِجلَهُ الَّتِي يمْشِ بِهَا، وَإِنْ سأَلنِي لأُعطيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعَاذَنيِ لأُعِيذَّنه » [رواه البخاري].
صورة مُشرقة
كانَ صحابةُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا تعلَّموا عشرَ آياتٍ مِنَ القرآنِ، لم يتجاوزوها حتى يعمَلوا بما فيها مِنَ العملِ، فتَعَلَّمُوا القرآنَ والعملَ معًا.
أَستزيدُ
أرادَ الإسلامُ مِنَ الإنسانِ أَنْ يحقق التوازنَ في العلاقةِ مَعَ خالقِهِ جَلَّ جَلالُهُ في الباطنِ والظاهرِ، ولذلكَ اشترطَ لقبولِ العملِ شرطينِ، هما:
1) الإخلاصُ؛ وهو أَنْ يقصدَ بأعمالهِ نيلَ رضا اللهِ تَعالى.
2) صلاحُ العملِ؛ بأَنْ يكونَ العملُ موافقًا لما شرعَ اللهُ تعالى.
قال تعالى: ) فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا(.
أربطُ مع الرياضيات
العلاقةُ الطرديّةُ: هي علاقةٌ بينَ مُتَغَيِّرَينِ؛ بحيثُ يزيدُ أحدُهما بزيادةٍ تتناسبُ مع زيادةِ الآخَرِ، أو ينقصُ أحدُهما نقصًا يتناسبُ مَعَ نقصانِ الآخرِ. وهذِه العلاقةُ مشابهةٌ للعلاقة بينَ الإيمانِ والعملِ؛ فكلَّما ازدادَ المؤمنُ مِنَ العملِ الصَّالحِ زادَ إيمانُه، والعكسُ صحيحٌ.