الدراسات الإسلامية

الأول ثانوي أدبي

icon

التَّعلُّمُ القَبليُّ

  • حَفَلَ التاريخ الإسلامي بنماذج مشرقة لمسلمين ومسلماتٍ كان لهم إسهامات كثيرة في الحضارة الإسلامية والإنسانية، منهم عدد كبير من الصحابة الكرام رضي الله عنهم والتابعين والقادة والعلماء، ومن هذه الشخصيات:
  • الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، وأبو حنيفة، ومالك بن أنس، والشافعي، وأحمد بن حنبل، والبخاري، ومسلم، وصلاح الدين الأيوبي، وعائشة الباعونية رحمهم الله، وغيرهم.

 

الفَهمُ والتَّحليلُ

حرص الإسلام على بناء الشخصية المتكاملة في فكرها وسلوكها ومشاعرها، القائمة على اتباع القواعد والمبادئ المنبثقة من الشريعة الإسلامية، الساعية إلى ما فيه خير الناس أجمعين.

أولًا: سِمات الشخصية الإسلامية

(1) ربانية:

  • تعي أحكام دينها، وتعمل به، وتدعو الناس إليه.
  •  وتجعل الإيمان به قاعدة أساسية لأفكارها ورغباتها.
  •  وتتوجه إلى خالقها في كل شؤونها، قال تعالى: ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.
  •  وتسعى إلى رضاه سبحانه، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ .

(2) إنسانية:

  • تتمتع بحس إنساني يحب الخير للناس جميعًا على اختلاف أعراقهم وألوانهم ولغاتهم وأديانهم، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.

(3) متزنة:

  • تحافظ على الاعتدال في مجالات الحياة المختلفة فلا يطغى فيها جانب على الآخر.
  •  فتعطي العقل حقه والجسد حقه والروح حقها، قال تعالى: ﴿يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾.
  •  وتحقق التوازن بين مطالب الدنيا والآخرة كما أمرها الله تعالى في قوله تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾.

(4) مرنة:

  • تتجاوب مع المتغيرات والتطورات من حولها، وتتقبل الرأي الآخر.
  •  وتستفيد من إنجازات الأمم والثقافات الأخرى؛ فتأخذ منها ما ينسجم وقيم الإسلام وثوابته.
  •  وتفيد غيرها بما لديها من قيم ومبادئ وعلوم ومعارف.

 (5) مستقلة:

  • تُعمل عقلها، وترفض الانقياد وراء ما يخالف معتقداتها، أو يشوه أخلاقها، أو يطمس هويتها ولغتها وتاريخها.
  •  فترفض التقليد الأعمى والتبعية للآخرين؛ امتثالًا لقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾، ولقول النّبيّ : "لا تَكونُوا إمَّعةً، تقولونَ: إنْ أحَسنَ الناس أحسنّا، وإنْ ظلمُوا ظلَمنا، ولَكنْ وطِّنُوا أنْفسَكُم، إنْ أَحسَنَ الناس أن تُحسِنوا، وإن أساؤوا فلا تَظلِموا"
  • الإمعة: هو الشخص الذي يُقَلِّدُ الآخرين دون وعي ولا رَأْي.

(6) طموحة:

  • تتمتع بهمة عالية.
  •  وتضع أهدافًا واضحة.
  •  وتخطط لمستقبلها.
  • مع السعي إلى التغيير نحو الأفضل لتحقيق الغاية من وجودها باستثمار طاقاتها ومواهبها.
  • كما تحرص على طلب العلم والإفادة من كل جديد، متمثلة قوله تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾.

(7) إيجابية:

  • تبادر إلى فعل الخيرات والإصلاح بين الناس.
  •  فتتفاعل مع الآخرين وتتعاطف معهم.
  •  وتشاركهم في أفراحهم وأحزانهم، وتخفف عنهم مصائبهم.
  •  وتعاونهم في مجالات البر والإحسان.
  •  وتسعى إلى بث الأمل وتقديم النفع للإنسانية، قال رسول الله : "صنائِعُ المعروفِ تَقِي مصارعَ السُّوءِ، وصدقةُ السِّرِّ تطفئ غضبَ الرَّبِّ، وصِلةُ الرَّحِمِ تَزيدُ في العُمرِ".

 

ثانيًا: العوامل التي تؤثر في بناء الشخصية الإسلامية

(1) العقيدة:

  • فالإيمان بالله تعالى واليوم الآخر يجعل المسلم يستشعر رقابة الله تعالى.
  •  ويحثه على التفكير وإعمال العقل.
  • ويدفعه إلى البحث والعلم.
  •  ثم السعي والعمل بما يرضي الله عز وجل، قال تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾.

 (2) العبادة:

  • فقد أمر الإسلام بأداء العبادات من صلاة وصيام وزكاة وغيرها؛ لما لها من أثر واضح في بناء شخصية المسلم عن طريق تقوية صلته بخالقه وتزكية نفسه وتقويم سلوكه.
  • فالعبادة تؤدب الفرد وتربيه ليكون قويًّا ثابتًا على طاعة الله تعالى.
  •  كما أن مصدر قوة الشخصية ينبع من تحرُّرها من عبادة غير الله تعالى.

(3) التنشئة الصالحة:

  • للتربية الدور الأكبر في رسم ملامح شخصية الفرد.
  •  وتشكيل عاداته واتجاهاته وقيمه، وتحديد ميوله، وصقل قدراته.
  •  فالأسرة أول من يسهم في إعداد شخصيات أبنائها وتنشئتهم تنشئة صالحةً، والمحافظة على فطرتهم وأخلاقهم، قال رسول الله : "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ على الفِطْرَةِ، فأبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أوْ يُنَصِّرَانِهِ، أوْ يُمَجِّسَانِهِ".
  •  ثم يأتي دور المساجد والمؤسسات التربوية؛ كالمدارس والجامعات وغيرها ممن لها دور في توجيه الفرد وتزويده بالعلم النافع والمهارات العملية.
  • وقد أرشدنا سيدنا رسول الله إلى أثر هذه المؤسسات في تكوين الشخصية الإسلامية عندما اتخذ دار الأرقم- في بداية الدعوة- مكانًا لتعليم الصحابة الكرام رضي الله عنهم وتوجيههم.
  •  ومن بعده كان المسجد النبوي.

 (4) الصحبة الصالحة:

  • يتأثر الإنسان بجليسه ويتخلّقُ بخُلُقِهِ؛ لذا عليه أن يحرص على اختيار صحبة تقربه من الله تعالى.
  •  وأن يبتعد عمن ينساق وراء أهوائه ورغباته، قال تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾.

 (5) الإعلام:

  • للمؤسسات الإعلامية أثر في بناء شخصية الفرد وتوجيهه عن طريق انتقاء محتوًى ينسجم والقيم الإنسانية ومبادئ الشريعة الإسلامية.
  • وينبذ كل ما يخالفها من العادات والتقاليد والخرافات والإشاعات، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾.

 

الإِثراءُ والتَّوسُعُ

  • تعددت الشخصيات العظيمة عبر تاريخ البشرية.
  •  فكانت أعظمها شخصية سيدنا رسول الله ، التي تمثل الأسوة الحسنة.
  •  فقد حباها الله تعالى بمجموعة من السمات التي ميزته في جميع مراحل حياته؛ فكان إنسانًا عظيمًا، ونبيًّا رحيمًا، وأبًا حنونًا، وزوجًا وفيًّا، وصديقًا مخلصًا، وقائدًا ناجحًا، ومُصلِحًا اجتماعيًّا يتعامل بمحبة مع الناس جميعًا، قال تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾.

 

دراسةٌ مُعمَّقةٌ

  • ظهرت دراسات عديدة في تحليل الشّخصيات التّاريخية.  ومن تلك الدراسات دراسة الكاتب العالمي )مايكل هارت(.
  •  حيث ألّف كتابه (الخالدون المائة): (The 100: A Ranking of the Most Influential Persons in History)، الذي جمع فيه أعظم مئة شخصية في التاريخ، ثم رتبهم بحسب تأثيرهم في البشرية ضمن معايير وشروط خاصة وضعها لهم، وعلى الرغم من أن الكاتب ليس مسلمًا، إلا أنه صدّر كتابه بشخصية سيدنا محمّد .
  • وقد تُرجم الكتاب إلى اللغة العربية.
  • اقتباس من الكتاب:)لقد اخترت محمدًا في أول هذه القائمة، ولا بد أن يندهش كثيرون لهذا الاختيار، ومعهم حق في ذلك، ولكن محمّدًا هو الإنسان الوحيد الذي نجح نجاحًا مطلقًا على المستوى الديني والدنيوي. وهو قد دعا إلى الإسلام ونشره بوصفه واحدًا من أعظم الديانات، وأصبح قائدًا سياسيًّا وعسكريًّا ودينيًّا، وبعد 13 قرنًا من وفاته، فإن أثره ما يزال قويًّا متجددًا).