الشريف الحسين بن علي رائد النهضة العربية الحديثة

             

الشريف الحسين بن علي بن محمد بن عبد المعين مـن ذوي عـون، ولد في إستانبـول عـام ١٨٥٤م، وتوفـي عـام ۱۹۳۱ م رحـل مع والده إلى مكة عـام ١٨٥٥م. ولـه أربعة أولاد هم: علي وعبدالله وفيصل وزيد. ونظرا لمكانته الدينية ونسبه الممتد الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم- وفكره القومي وتضحياته في سبيـل العروبة والإسلام؛ جاء إجماع زعماء العرب ومفكريهـم علـى زعامتـه بقيادة الحركة القومية، والنهضة العربية الحديثة

 كان لسياسة الاتحاديين ومظالمهم، التي تمثلت في قيام جمال باشا بأعمال اضطهاد واعتقال ونفي للزعماء العربية، وإعدام بعض القادة في دمشق وبيروت، وتدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد العربية، سبت باتخاذ أحرار العرب قرارهم في الانفصال عن الأتراك  ومبايعة  شخصية  لها مكانتها  عند العرب تتولى قيادة النهضة العربية الطامحة إلى الحرية، فتوجهوا إلى الشريف الحسين بن علي وعقدوا عليه آمالهم .                           

• بين أسباب زعامة الشريف الحسين بن علي للنهضة العربية الحديثة.

 - مكانته الدينية والتاريخية.

- نسبه الممتد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.

- فكرة القومي وتضحياته في سبيل العروبة والإسلام

 

أولا: الشريف الحسين بن علي واليا على الحجاز

تسلم الشريف الحسين ولاية الحجاز في الأول من تشرين الثاني عام ١٩٠٨م، وعند مغادرته إستانبول قال له السلطان "أسأل الله أن يجازي من حال بيني وبين الاستفادة من مواهبك الهاشمية وإني لست بالأمين على الدولة من هذه الفئة المتغلبة"، وعند وصوله إلى الحجاز استقبلته وفود من مختلف مدنها، وكان من بينهم وفد يمثل حزب الاتحاد والترقي الذي ما إن سمع رد الشريف الحسين بن علي على كلمتهم في استقباله قائلا لهم "لقد حظيت بمقام أسلافي وآبائي على الشريطة التي بايع بها الشريف أبو نمي السلطان سليم الأول، وأن هذه بلاد الله لا تقام فيها غير شريعة الله" ، حتى كتبوا إلى إستانبول أن الشريف الحسين لا يعبأ بأحد ولا يقر بدستور ولا يؤمن بتجديد.

وللتعرف إلى سياسة الشريف الحسين بن علي في الحجاز تأمل

سياسة الشريف الحسين بن علي في الحجاز
جرأته في قول الحق ساهمت في عزل خمسة ولاة أتراك خلال  ثمانية أعوام	توطيد علاقته مع أهل الحجار وأعيانهم	النظر في أحكام القضاة  في الأحوال الشخصية أو الحقوق المدنية.

 

 

 

 

 

 

علام تدل السياسة التي اتبعها الشريف الحسين بن علي في الحجاز؟

 - تدل على قوة شخصيته وعدله وجرأ ، وجرأته في الحق.

 

ثانيا: مكانة الشريف الحسين بن علي

تمتع الشريف الحسين بن علي بمكانة مرموقة ومقام رفيع المستوى في نفوس العرب منذ أن تولى إمارة مكة عام ١٩٠٨م ، فهو سليل الدوحة النبوية الشريفة التي تحظى بالاحترام والتقدير لدى العرب والمسلمين كافة، وهو أمير مكة وشريفها، ونظرا لمكانة الشريف الحسين بن علي الدينية والتاريخية، ولجرأته في الحق وتضحياته في سبيل العروبة والإسلام، وفكره الهادف  نحو نهضة عربية وتحرير العرب من الظلم والطغيان، أرسل إليه نواب العرب في مجلس المبعوثان  يبايعونه بالرئاسة. وللتعرف إلى ما جاء بالرسالة اقرأ النص الآتي،

 

إلى السيد السند المعظم والشريف الأعظم الحسين أمير مكة أدامه الله

«نحـن نواب العرب في مجلس المبعوثان، نقـرك على إمارة مكة، ونعترف لك دون سو بالرئاسة الدينية على جميع الأقطار العربية؛ لأنك الآن خلاصة بيت الرسول -صلى الله عليه وسلم - وإجماعنا هذا هو نيابة عن أهل بلادنا، والله يحفظك لأمتك ويساعدك لدفع الشر

دينك» .

• ما المقصود بالرئاسة الدينية؟

             إمارة مكة المكرمة.

• لماذا تم اختيار الشريف الحسين بن علي دون سواه، للرئاسة الدينية على الأقطار العربية جميعها؟

        لأنه خلاصة بيت الرسول صلى الله عليه وسلم.

• ماذا تستنتج من النص؟

إجماع العرب على شخص الشريف الحسين بن علي

وكتب إليه السيد طالب النقيب رئيس جمعية البصرة " نحن على استعداد لأن نثور معكم

إن أردتم خلع الدم الذي يطوق العرب وإن شئتم تحريرهم من ربقة الاستعمار... وهم يعترفون بسيادتكم خليفة للنبي -صلى الله عليه وسلم وحاميا وحيدا ومسؤولا عن البلاد العربية وتلقى الشريف الحسين بن علي رسالة شفهية من قادة الحركة العربية في سورية يطالبونه فيها بتزعم حركتهم.

• ما المقصود بالنير الذي يطوق العرب؟

          الأتراك.

وعندما زار الأمير سعيد الجزائري مكة والتقى بالشريف الحسين بن علي قال له "ولكنك يا شريف أنت ثاني رجل في الدولة العلية (العثمانية) بعد الخليفة، وإذا حدث للحكومة حادث فلا

أحق منك أن يتقلدها لنسبك من رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ولمقامك العظيم عند جميع

المسلمين، ومن لنا أمير" غيرك إذا أصيبت الخلافة ؟

• ما المقصود بالدولة العلية؟

الدولة العثمانية

ويقول الأمير مصطفى الشهابي «ويتضح من ذلك أن أسرة الحسين الهاشمي، كانت يومئذ أعلم الأسر العربية الحاكمة بماهية القضية العربية، وبمداها البعيد وبأفقها الواسع فلا غرابة إذن أن يلجأ رجال القضية العربية إليه».

 

قاد الشريف الحسين بن علي حركة النهضة العربية ضد الأتراك بوصفه زعيماً للعرب، وحاميا للإسلام، ولم يقتصر الترحيب بزعامته على الجمعيات في بلاد الشام بل شمل أمراء الجزيرة العربية، أمثال عبد العزيز بن سعود سلطان نجد، والشريف الإدريسي حاكم عسير، والسيد علي الميرغني أكبر زعيم ديني في السودان.

ويتضح أن الشريف الحسين بن علي لم ينصب نفسه زعيما للعرب في قيادة النهضة العربية، ولكن العرب أحزابا وجمعيات ونواد وحكاما وشخصيات دينية وأدبية، هم الذين أرادوه زعيما لهم، وليس أبلغ من ذلك مما قاله الشريف الحسين بن علي عام ١٩١٥م للسيد علي الميرغني «إن العرب هم الذين أجبروني لكي أتولى أمر مستقبلهم»، وكذلك ما جاء على لسان الأمير فيصل بن الحسين «لقد أصبح والدي زعيما للحركة القومية العربية نزولا عند رغبة فرغي الحركة العربية في سوريا والعراق اللذين بعثا بنداء إليه ليتزعم حركتهم».

ثالثا : الشريف الحسين بن علي والأتراك

كان لصفات الشريف الحسين بن علي التي تمثلت بقوة الشخصية، وحسن السياسة واستقلال

الرأي، والاضطلاع بأعباء المنصب الذي عهد به إليه، والتمسك بصلاحياته ومسؤولياته، السبب في بدء النزاع بينه وبين ممثلي حزب الاتحاد والترقي في الحجاز، فقرر حزب الاتحاد والترقي في إستانبول التخلص منه إلا أن الحزب تراجع عن ذلك لأسباب هي :

 1- قرب إعلان الحرب العالمية الأولى.

2- المكانة التي يتمتع بها الشريف الحسين بن علي عند العرب والمسلمين.

 3- حاجة الأتراك إلى معونة الشريف الحسين بن علي.

وعندما أراد الاتحاديون دخول الحرب العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا، عارض الشريف الحسين ن علي ذلك، وللتعرف إلى ذلك اقرأ النص الآتي

أرسل الشريف الحسين بن علي إلى السلطان محمد رشاد  الرسالة الآتية:

إن دخول  الحرب إلى جانب ألمانيا بشكل خطرا عظيما لعدم وجود حدود برية مشتركة معها  وبذلك  لا نستطيع إمداد الجيوش العثمانية بالمعدات التي تحتاج إليها، وعدا هذا فالأقطار  المترامية  إلى الجنوب من جسم الدولة، كاليمن والبصرة والحجاز ، محاطة من كل جانب بقوات بحرية الدول الأعداء، وقد تتكل الدولة على حمية أهلها، وهم ليسوا منظمين ولا مسلحين  بالشكل الذي يستطيعون معه مقاتلة جيوش أوروبا المنظمة... إنني أستحلف جلالتكم بالله ألا تدخلوا الحرب وأن تعلموا بأنني أعتقد في كل من يرى الحرب إلى جانب الألمان، عدم التمييز أو الخيانة العظمى "

وعندما التقى الشريف الحسين بن علي مع الوالي التركي وهيب باشا في الطائف، وسأله عن رأيه في المشاركة بالحرب، قال له: «إني لست خائنا حتى أشير على الدولة بأن تدخل هذه الحرب التي لا ناقة لها فيها ولا جمل، فكان رد الوالي هي ورقة نريد أن نقذف بها على مائدة الميسر، فقال الشريف : عجيب أبالأمة تقامرون؟!»

 

رابعا: الشريف الحسين بن علي وبريطانيا

كان السير هنري مكماهون المعتمد البريطاني في مصر يظن  في بداية مراسلاته مع الشريف فأجابه الشريف الحسين بن علي أنه يفاوض أميراً طامحاً يمكن إغراؤه بالألقاب، وترضيته بالتملق والإطراء والمديح "فأجابه  الشريف الحسين بن علي "أما هدفنا يا فخامة الوزير فهو أن نطمئن إلى أن الشروط الأساسية  لتأمين مستقبلنا (العرب)، ستبنى  على أساس الحق والواقع لا على الإسراف في تنميق العبارات والألقاب"، وأراد مكماهون أن يلهيه عن القضايا الأساسية التي تتعلق بتعيين حدود الدولة العربية والاعتراف باستقلالها كوحدة كاملة، بالتلويح له بالخلافة، معتقدا أن طموحاته الشخصية قد تلهيه عن طموحاته القومية، فأجابه الشريف في شي من  التهكم " أما الخلافة فالله يرحمها ويحس عزاء المسلمين فيها".

 

وقد حاول السير مكماهون مع تأكيده على حسن نوايا بريطانيا تجاه العرب، وموافقتها على قيام دولة عربية، التهرب من بحث مسألة الحدود، بحجة أن ظروف الحرب لا تسمح بذلك، لا سيما وأن بعض هذه الحدود ما تزال في يد الأتراك، فرد عليه الشريف الحسين بن علي «إن هذه الحدود المطلوبة ليست لرجل واحد نتمكن من إرضائه ومفاوضته بعد الحرب، بل هي مطالب شعب  يعتقد أن حياته في هذه الحدود وهو متفق بأجمعه على هذا الاعتقاد ... وأنا على ثقة أنكم تشكون قط بأني لست أنا شخصيا من يطلب تلك الحدود... بل هي مطالب شعب بأسره».