الفكرة الرئيسة
- يَحظى المسجدُ الحرامُ بأفضليةٍ وقُدسيّةٍ عاليةٍ، وقَدِ استمرَّ المسلمونَ برعايتهِ والاهتمامِ بهِ منذُ فجرِ الإسلامِ إلى وقتنِا الحاضرِ.
- عَنْ أبي ذَرٍّ الغَفاريِّ رضي الله عنه قالَ: قُلتُ: يا رسولَ اللّهِ، أيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ في الأرْضِ أوّلَ؟ قالَ: «المسجدُ الحرامُ»، قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: «المسجدُ الأقصى»، قُلتُ: كَمْ كانَ بينَهُما؟ قالَ: «أربعونَ سنةً».
أستنير
المسجدُ الحرامُ هوَ أعظمُ مسجدٍ في الإسلامِ، يقعُ في مكةَ المكرمةِ، وتتوسّطُهُ الكعبةُ المشرفةُ.
أَوَّلًا: مكانةُ المسجدِ الحرامِ في الإسلامِ
المسجدُ الحرامُ لَهُ مكانةٌ عظيمةٌ الإسلامِ، ومِنْ أسبابِ هذهِ المكانةِ:
- وجودُ الكعبةِ المشرفةِ فيهِ، وهيَ أولُ بيتٍ بُنِيَ لعبادةِ اللهِ تعالى في الأرضِ، قالَ تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ).
- المسجدُ الحرامُ قِبلةُ المسلمينَ في صلاتِهِمْ، فلا تصحُّ صلاةُ المسلمِ إلّا بالتوجّهِ نحوَ الكعبةِ المشرّفةِ، قالَ تعالى: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ).
- جعلَهُ اللهُ تعالى مقصِدَ المسلمينَ لأداءِ مناسِكِ الحجِّ والعُمرةِ، ففيهِ الطوافُ بالكعبةِ المشرفةِ والسعيُ بَيْنَ الصفا والمَروةِ، وهُما مِنْ أركانِ الحجِّ والعُمرة، قالَ تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ).
- مضاعفةُ أجرِ الصلاةِ فيهِ، قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاةٌ في مَسجدي هذا أفضلُ مِنْ ألفِ صلاةٍ في ما سِواهُ، إلّا المسجدَ الحرامَ. وصلاةٌ في المسجدِ الحرامِ أفضلُ مِنْ مائةِ ألفِ صلاةٍ في ما سِواهُ».
ثانيًا: معالمُ المسجدِ الحرامِ
- الكعبةُ المشرفةُ:
- هيَ أبرزُ مَعالمِ المسجدِ الحرامِ.
- جاءَ ذِكرُها باسمِ (الكعبةِ) صريحًا في القرآنِ الكريمِ، قالَ تعالى: (جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ).
- بَناها سيّدُنا إبراهيمُ عليه السلام وأعانَهُ على ذلكَ ابنُهُ سيّدُنا إسماعيلُ عليه السلام.
- جعلَ اللهُ تعالى الطوافَ بِها سبعةَ أشواطٍ رُكْنًا مِنْ أركانِ الحجِّ والعُمرةِ.
- الحجرُ الأسودُ:
- يقعُ في رُكْنِ/ زاويةِ الكعبةِ الجنوبيِّ الشرقيِّ.
- منْ محاذاتهِ يبدأُ الحاجُّ والمعتمرُ الطوافَ.
- بَيَّنَ لَنا سيّدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ مِنْ حجارةِ الجَنّةِ.
- يُسَنُّ لمنْ يطوفُ حولَ الكعبةِ أَنْ يقبِّلَهُ إنِ استطاعَ مِنْ غيرِ أنْ يدافعَ الناسَ ويزاحمَهُمْ، وإلّا فيَكتَفي بالإشارةِ إليهِ بِيَدِهِ.
- بئرُ زمزمَ:
- هوَ خيرُ ماءٍ على وجهِ الأرضِ، وفيهِ النفعُ والشفاءُ، قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ فضلِهِ: «إنَّها مباركةٌ، إنَّا طعامُ طُعمٍ، وشفاءٌ مِنْ السُّقمِ».
- يُسَنُّ للحاجِّ أَوِ المعتمرِ الشربُ منهُ بعدَ الانتهاءِ مِنْ الطوافِ بالكعبةِ المشرفةِ.
- مَقامُ إبراهيمَ:
- هوَ الحَجرُ الّذي وقفَ عليهِ سيّدُنا إبراهيمُ عليه السلام عندَ بنائهِ الكعبةَ، فأثّرَتْ قدماهُ في ذلكَ الحجرِ لطراوتِهِ، وما يزالُ أثرُهُ باقيًا إلى يومِنا هذا.
- يُسَنُّ للحاجِّ أَوِ المعتمرِ صلاةُ ركعتَينِ خلفَ المقامِ بعدَ الطوافِ، لقولِهِ تعالى: (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى)، ومنْ لَمْ يتيسّر لَهُ ذلكَ، فَلْيصلِّ في أيِّ مكانٍ في المسجدِ الحرامِ.
- الصّفا والمَروةُ:
- هُما جبلانِ صغيرانِ محاذيانِ للكعبةِ المشرفةِ.
- يُعَدُّ السعيُ بينَهُما مِنْ أركانِ الحجِّ والعُمرةِ الّتي أمرَ اللهُ تعالى بِها، قالَ تعالى: (الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ).
- يستذكرُ السّاعي بَيْنَ الصّفا والمَروةِ عزيمةَ السيّدةِ هاجرَ أمِّ سيّدِنا إسماعيلَ عليه السلام وهيَ تأخذُ بالأسبابِ في البحثِ عَنِ الماءِ؛ لتسقيَ ولدَها سيّدَنا إسماعيلَ عليه السلام.
أستزيد
- الحَرَمُ: هُوَ المنْطقَةُ الَّتي حَدَّدَها نَبِيُّ اللهِ سَيِّدُنا إِبْراهيمُ عليه السلام حَوْلَ الْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ، وَأَعادَ سَيِّدُنا رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَأْكيدَها، وجعلَ لَها أحكامًا خاصةً بِها، مثلَ: عدمِ جوازِ الصيدِ فيها، أَوْ قطعِ شجرِها.
- تتعلّقُ بالحرمِ المكّيِّ الشريفِ جملةٌ مِنَ الأحكامِ الشرعيةِ الّتي يجبُ على المسلمِ مراعاتُها والتزامُها، مِنْها:
- تحريمُ القتالِ وحملِ السلاحِ في الحرمِ، قالَ تعالى: )وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ(.
- بِإِلْحَادٍ: بفسادٍ.
- مَنْ دخلَهُ كانَ آمِنًا؛ وذلكَ تحقيقًا للغايةِ الساميةِ وهيَ العبادةُ، قالَ تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا).
- مَثَابَةً لِلنَّاسِ: مرجعًا لَهُمْ يأتونَهُ كلَّ عامٍ ويرجعونُ إليهِ.
- تحريمُ الصَّيدِ فيهِ.
- تحريم قطعُ نباتِهِ الّذي لَمْ يزرعْهُ الآدميّونَ.
- تحريم التقاطُ اللُّقَطَةِ فيهِ إلّا لمنَ أرادَ التعريفَ بِها، أَوْ تسليمَها للجهاتِ المختصّةِ. قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ فتحِ مكّةَ: «إنَّ هذا البلدَ حرّمَهُ اللهُ؛ لا يُعضَدُ شوكُهُ، ولا يُنفَّرُ صيدُهُ، ولا يُلتقَطُ لُقَطَتُهُ إلّا مَنْ عَرّفَها»
- يعُضَدُ: يُقطَعُ
- يُنَفَّرُ: يُخوَّفُ
- لُقَطَتُهُ: المالُ يوجَدُ ملقًى في الطريقِ ونحوِهِ ولا يُعرَفُ لَهُ صاحبٌ.
- تحريمُ القتالِ وحملِ السلاحِ في الحرمِ، قالَ تعالى: )وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ(.
__
__ ____ __ __ __ __ __ __ _
أَرْبِطُ مَعَ العلمِ
- يُؤدّي المسجدُ الحرامُ دورًا علميًّا في خدمةِ الدينِ الإسلاميِّ، إذْ درسَ فيهِ عبرَ التاريخِ علماءُ كبارٌ أَسهَموا في نَشرِ العلمِ، مِنْ أبرزِهِمْ: سيّدُنا عبدُاللهِ بنُ عبّاسٍ رضي الله عنه وتلامذتُهُ مِنَ التابعينَ، كمجاهدِ بنِ جبرٍ، وعكرمةَ رحمهما الله تعالى.