التَّعلُّمُ القَبْلِـيُّ
وقت اليوم الآخر لا يعلمه إلا الله تعالى ولم يطلع عليه أحدًا من خلقه، قال تعالى:(يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو)(الأعراف: 187).
جعل الله تعالى لليوم الآخر علامات تسبقه وتدل على قرب وقوعه؛ لكي يتنبَّه الناس، ويرجعوا إلى رَبِّهِم، ويتوبوا إليه، ويستعدوا للقائه بالأعمال الصالحة.
قسّم العلماء علامات اليوم الآخر إلى قسمين:
1) الصغرى: هي التي تسبق ظهور العلامات الكبرى، مثل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وتضييع الأمانة.
2) العلامات الكبرى: هي التي تدل على شدة اقتراب اليوم الآخر، مثل طلوع الشمس من مغربها.
أَبحثُ عن أَبْحَثُ عَنْ علامة صغرى وعلامة كبرى لليوم الآخر غير تلك العلامات التي ذُكِرت في الدرس. أَبْحَثُ عن ثلاث علامات صغرى وثلاث علامات كبرى لليوم الآخر غير التي تم ذكرها. |
|
العلامة الصغرى | انتشار الزنا، انتشار الربا، كثرة القتل، كثرة الزلازل. |
العلامة الكبرى | نزول سيدنا عيسى عليه السلام، يأجوج ومأجوج، الدخان ، المهدي. |
الْخَريطَةُ التَّنْظيمِيَّةُ
الإيمان باليوم الآخر: الاعتقاد الجازم بوجود حياة أبدية بعد الموت، وهو يبدأ بالنفخة الأولى، وتنتهي أحداثه بدخول الناس الجَنَّة أو النار.
اليوم الآخر في القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية
أ. تأكيد القرآن الكريم على أنّ الإيمان باليوم الآخر ركنٌ من أركان الإيمان لا يصحُّ إيمان المسلم إلّا به، قال تعالى:(ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين)(البقرة: 177).
ب.رَبط كثير من نصوص القرآن الكريم والسنة النّبويّة الإيمان بالله عزّوجلّ بالإيمان باليوم الآخر، لأنّ الإيمان بهما هو الذي يضبط سلوك الإنسان في الحياة الدنيا، قال تعالى: (ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر)(الطّلاق: 2)، وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أوْ لِيصْمُتْ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جارَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ)) (متفق عليه).
ج. دعوة نصوص القرآن الكريم والسنة النّبويّة إلى العمل لليوم الآخر والاستعداد له، قال تعالى: (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورًا)(الاسراء:19)، ولذلك كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يصرف أصحابه إلى الانشغال بالعمل لهذا اليوم عن معرفة موعد هذا اليوم فعن أنس رضي الله عنه: ((أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم عَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم : ومَاذَا أعْدَدْتَ لَهَا. قَالَ: لا شيءَ، إلَّا أنِّي أُحِبُّ اللهَ ورَسوله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أنْتَ مع مَن أحْبَبْتَ)) (متفق عليه).
د. ورد ذكر اليوم الآخر في القرآن الكريم في مواضع كثيرة وبما يزيد عن مائة مرة، كما سُمّيَ في القرآن الكريم بأسماء متعددة، منها:
يوم الدين ويوم الحساب ويوم القيامة والقارعة والساعة.
كلّ اسم يحمل دلالة على حال ذلك اليوم.
أَسْتَنْتِجُ لليوم الآخر أسماء كثيرة تدلُّ على الأحداث التي تقع فيه. أَسْتَنْتِجُ دلالة واحدة لكلِّ اسم من الأسماء الآتية ليوم القيامة: |
|
يوم البعث |
دلالة على أن الله تعالى سوف يبعث الخلق من قبورهم للحساب |
الواقعة |
دلالة على أن يوم القيامة آتٍ لا محالة ودلالة على شدة ما يحصل في ذلك اليوم |
يوم الفصل |
دلالة على أن الله تعالى سوف يفصل بين النّاس ويحاسبهم على أعمالهم في الدنيا |
أحداث اليوم الآخر
أ . النفخة الأولى: إذ يأمر الله تعالى الملَكَ بالنفخ في الصُّور (البوق)، فيموت مَنْ في السماوات ومَنْ في الأرض.قال تعالى: ﴿ونفخ في الصُّور فصعق في من في الساوات ومن في الأرض إلا من شاء الله﴾ (الزمر: 68).
أحداث النفخة الأولى:
1) تنتهي الحياة الدنيا، ويبدأ اليوم الآخر.
2) تنشقُّ السماء، وتتناثر النجوم والكواكب.
3) تتفتَّت الجبال.
4) تختلط البحار بعضها ببعض.
قال تعالى: ﴿إذا السماء انفطرت * وإذا الكواكب انتثرت * وإذا البحار فجرت *وإذا القبور بعثرت*﴾(الانفطار: 1- 4).
ب. النفخة الثانية: هي نفخة البعث؛ إذ يأمر الله تعالى المَلَكَ بالنفخ في الصُّور مَرَّة أُخرى، فيبعث الله تعالى الناس أحياءً من قبورهم. قال تعالى: ﴿ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون﴾ (الزمر: 68 ).
ج. الحشر: يجمع الله تعالى البشر كافَّةً بعد بعثهم في مكان واحد يُسمّى المحشر؛ قال تعالى: ﴿يوم تشقق الأرض عنهم سراعًا ذلك حشرٌ علينا يسير﴾ (ق: 44).
المؤمنون فيكونون في أمن وطمأنينة كما قال الله عزوجل:﴿لا يحزُنهم الفزع الأكبر﴾ فأمّا (الأنبياء: 103)، وقال تعالى: ﴿وهم من فزع يومئذٍ آمنون﴾ (النمل: 89).
والكُفّار فيكونون في أهوال عصيبة، وظروف قاسية، وعطش شديد؛ ويملأ الخوف قلوبهم ممّا ينتظرهم من الحساب. قال تعالى: (خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون) أمّا (المعارج:44).
أَسْتَذْكِرُ أَسْتَذْكِرُ الأصناف السبعة الذين أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ الله تعالى يُظِلُّهم في ظِلِّه، في أرض المحشر، يوم لا ظِلَّ إلّا ظِلُّهُ، ويحميهم من أهوال ذلك اليوم. |
إمام عادل/ شاب نشأ في طاعة الله/ رجل قلبه معلق بالمساجد/ رجلان تحابا في الله/ رجل دعته امرأة فقال إني أخاف الله/ رجل تصدق بصدقة فأخفاها/ رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه. |
د . الشفاعة الكبرى: حين يطول انتظار الناس لبدء الحساب، وهم في أرض المحشر، فإنَّهم يأتون إلى الأنبياء، فيقول كلٌّ منهم: لست لها، حتى إذا أتوا إلى سيِّدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فيقول: «أَنا لَه ا، أَنا لَه ا» (متفق عليه)، فيقبل الله تعالى شفاعة نبيِّه صلى الله عليه وسلم لبدء الحساب، ويكون صلى الله عليه وسلم أوَّل شفيع للخَلْق.
ه . العرض: يُعرَض الناس على الله سبحانه صفوفًا. قال تعالى: ﴿وعرضوا على ربك صفًا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدًا﴾ (الكهف: 48). ثمَّ يأخذ كلُّ إنسان صحيفة أعماله التي سجَّلتها عليه الملائكة في الحياة الدنيا؛ فمنهم مَنْ يأخذ كتابه بيمينه، وهم أهل الإيمان والعمل الصالح.قال تعالى: ﴿فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرأوا كتابيه﴾ (الحاقة: 19). ومنهم مَنْ يأخذ كتابه بشماله، وهم أهل الكفر والنفاق. قال تعالى: ﴿وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه﴾ (الحاقة: 25).
و . الحساب: يحاسب الله تعالى الناس على أعمالهم في الحياة الدنيا، فيفرح المُؤمِن بلقاء رَبهِّ، وأمّا الكافر فيصاب بالخزي والخوف لتكذيبه بلقاء رَبِّه، ثمَّ توزَن الأعمال بميزان العدل الإلهي، فيُحاسِب الله تعالى الإنسان في ذلك اليوم على كلِّ كبيرة وصغيرة فعلها في الحياة الدنيا. قال تعالى: ﴿و نضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئًا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين﴾ (الأنبياء: 47).
قَضِيَّةٌ للنِّقاشِ إذا علمت بأنَّ الله عزوجل يُحاسِب الإنسان على كلِّ صغيرة وكبيرة، فَما أَثَرُ ذلِكَ في سلوك الفرد؟ |
الحرص على طاعة الله تعالى وتجنب معصيته والمبادرة التوبة والاستغفار عمّا يقع مني. |
ز . المرور فوق الصراط:
الصراط هو جسر منصوب فوق جهنَّم، سيمرُّ عليه الناس يوم القيامة بعد الحساب؛ فمَنِ اجتازه نتيجة إيمانه وعمله الصالح دخل الجَنَّة، ومَنْ سقط عنه نتيجة كفره ومعاصيه دخل النار.
قال تعالى: ﴿ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيًا﴾(مريم: ٧٢)، وقال صلى الله عليه وسلم: «فَيُضربُ الصَِّراطُ بَيْنَ ظَهْرَاني جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنَ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ » (رواه مسلم).
ح . دخول الجَنَّة أو النار:
الجَنةَّ هي دار القرار التي أعدَّها الله تعالى لعباده الذين آمنوا به، وأقبلوا على طاعته في الحياة الدنيا. وفي الجَنَّة أنواع لا تحصى من النعيم، وهي درجات تتناسب مع الأعمال الصالحة التي قدَّمها المُؤمِن في الحياة الدنيا. قال تعالى: ﴿وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرًا حتى إذا جاؤها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين﴾ (الزمر: 73).
النار هي مصير الكافرين بالله تعالى، المُستكبِرين والمُمتنعِين عن طاعته وعبادته.
وفيها أنواع كثيرة من العذاب، وهي دَرَكات تتباين تبعًا لأنواع الذنوب والمعاصي التي ارتكبها الإنسان في الحياة الدنيا. قال تعالى: ﴿إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارًا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودًا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزًا حكيمًا)(النساء: 56).
ط. الشفاعة الصغرى: بعد الحساب ودخول الخَلْق في الجَنَّة أو النار، يأذن الله تعالى لسيِّدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالشفاعة لأُمَّته، فيخرج مِنَ النار مَنْ قال: لا إله إلا الله. قال صلى الله عليه وسلم: «أَسْعَدُ النَّاسِ بشَِفَاعَتي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قالَ: لا إلَِهَ إلا اللهُ، خَالصًِا مِن قَلْبِهِ » (رواه البخاري).
يأذن الله تعالى لبعض الخَلْق يوم القيامة بالشفاعة. ومن ذلك:
● شفاعة الشهيد في سبعين من أهل بيته.
● شفاعة الطفل الصغير لأبويه إذا صبرا، واحتسبا لفقده.
● شفاعة الأعمال الصالحة لصاحبها. فمثلًا، الصيام يشفع لصاحبه؛ لأنَّه منع نفسه ما تُحِبُّ؛ مرضاةً لله تعالى، والقرآن الكريم يشفع لمَنْ كان يتلوه، أو يحفظه، ويعمل به.
آثار الإيمان باليوم الآخر
أ . المداومة على فعل الطاعات والأعمال الصالحة.
ب. الابتعاد عن ارتكاب الذنوب والمعاصي، وضبط النفس عن الشهوات، والتوبة إلى الله تعالى، والرجوع إليه سبحانه.
ج. عدم التعلُّق بالدنيا، وتجنُّب طلب ملذّاتها بطرائق غير مشروعة. قال تعالى: ﴿فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل)(التوبة: 38)؛ وذلك لإيمان العبد بما أعدَّه الله تعالى للمؤمنين من نعيم في الجَنَّة، فيُقدِّمه على ملذّات الدنيا.
د . تحقيق الطمأنينة في قلب العبد المُؤمِن، والرضا بقضاء الله تعالى وقدره، والصبر على الابتلاءات والمصائب التي تحدث له في الحياة الدنيا؛ لأنَّه يوقِن أنَّ الله تعالى سيُعوِّضه خيرًا في الآخرة.
الإثراء والتوسع
حياة البرزخ: هي مرحلة تسبق الآخرة؛ إذ ينتقل الإنسان بعد موته من الحياة الدنيا إليها، وهي حياة الإنسان في القبر، التي تستمرُّ إلى يوم البعث والنشور.
قال صلى الله عليه وسلم: «إنَِّ أَحَدَكُمْ إذَِا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ باِلْغَدَاة وَالْعَشِيِّ، إنِْ كانَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَإنِْ كانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُقَالُ: هذا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » (رواه البخاري ومسلم) (الْغَداة:ِ أوَّل النهار، الْعَشِيّ: آخر النهار).
حين يموت الإنسان فإنَّه ينتفع بأثر عمله الصالح في الحياة الدنيا؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: «إذِا ماتَ الْنِْسانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلّا مِنْ ثَلاثَةٍ: إِلّا مِنْ صَدَقَةٍ جارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صالِحٍ يَدْعُو لَهُ» (رواه مسلم).