القضايا الأدبية

الأول ثانوي أدبي

icon

شعر وصف معالم الحضارة

برزت مظاهر البيئة الحضارية في العصر العباسي على نحو واسع؛ بسبب الرفاهة الاقتصادية ومظاهر الترف التي شاعت في هذا العصر، فانبرى الشعراء يصفون هذه المظاهر من : قصور ، ورياض ، وحدائق ، وسفن ، وغيرها، ويعبرون عن جمالها الأخاذ بأحمل الصور حتى أبدعوا في ذلك.

ومن هذا الوصف:

1- وصف القصور والبرك والحدائق: 

فقد وصف الشّعراء القصور وصفًا حيًّا وكأنّ هذا الوصف قد حيك بالريشة حتّى استوعب كلّ التفاصيل وشخّصها تشخيصًا حقيقيًّا، ومن ذلك ما جاء من وصف علي بن الجهم لأحد قصور المتوكّل في سامرّاء، فيتحدّث في وصفه عن قبّته الشّامخة التي تكاد تحاكي النجوم جمالًا ورفعةً،   ووصف النافورة التي تتجه نحو السّماء بحماسٍ وكأنّها يجمعها بالسّماء ثأر فيقول:

 وقُبَةُ ملِكٍ كأنَّ النّجومَ                   تُفضي إليها بأسرارِها

لها شُرُفاتٌ كأنّ الربيعَ                   كساها الرّياضَ بأنوارها 

ونافورةٌ ثأرها في السّماءِ                فليست تُقصّرُ عن ثأرها

وهذا البحتري يصف بركه المتوكل وينعتها بأجمل الصفات وكأن جن سليمان عليه السلام هم الذين أبدعوها وتولوا إنشاءها ، إذ ترفدها المياه مسرعة الجريان  كالخيل السريعة ، ولأن مياهها صافية تنعكس النجوم ليلا على سطحها فمن ينظر إليها يجد السماء كأنها ركبت فيها ، يقول:

يا من رأى البركة الحسناء رؤيتها                  والآنسات إذا لاحت مغانيها

كأن جن سليمان الذين ولوا                          إبداعها فأدقوا في معانيها

تنحط فيها وفود الماء معجلة                        كالخيل خارجة من حبل مجريها

إذا النجوم تراءت في جوانبها                       ليلاً حسبت سماء ركبت فيها

2- وصف وسائل اللهو والتسلية : لقد كان من البدهيّ في ظلّ انتشار المال والاستقرار المادي بين الرعية أن تنتشر مظاهر اللهو واللعب وما شاكلها؛ فإنّ الفراغ الذي عاشه أبناء تلك الحقبة كفيل بأن يسفر عن مظاهر تدلّ على الترف والرفاهية، ومن تلك الألعاب التي تشتُهرت كانت لعبة الشطرنج والنرد، فعمد الشّعراء إلى وصفها والتفنن في ذلك، وممّا جاء في وصفها قول الشاعر علي بن الجهم:

أرضٌ مربعةٌ حمراءُ من أَدَمٍ                   ما بين إلفَين معروفَين بالكرمِ

تذاكرا الحربَ فاحتالا لها فطناً               من غيرِ أن يأثما فيها بسفكِ دمِ

هذا يغير على هذا وذاك على                هذا وعين حليف الحزم لم تنم

فانظر إلى بهم جاشت بمعركة               في عسكريين بلا طبل ولا علم

3- وصف الجسور والنواعير :  والنواعير من مظاهر الحضارة التي انتشرت في هذا العصر ،إذ كثرت إقامتها على الأنهار، فهذا أبو فراس الحمداني يصور نهرًا في منبج عليه جسر يربط بين جانبيه ، كأنه صفحة بيضاء خط عليها سطر ، وذكر أبو فراس بقصة موسى عليه السلام مع بني إسرائيل في عبور البحر، يقول :

كأنما الماء عليه الجسر                    درج بياض خط فيه سطر

كأنما لما استتب العبر                     أسرة موسى يوم شق البحر

أما النواعير فتوصف أنها تصدر صوتاً شجياً متناغماً مع إيقاع نقيق الضفادع ،والرياح تحرك أمواج الماء فتأتي غاية في الجمال  كسيوف سلت من أغمادها ، يقول الشاعر :

والغصن يرقص والدولاب زامره                 وللضفادع إيقاع ترتبه

والماءقد عبثت كف النسيم به                     كسيف مرتعش أضحي تجربه

 

 

خصائص شعر وصف معالم الحضارة :

- الدقة في الوصف.

- الابتعاد عن الغرابة والغموض.

- الرقة في الألفاظ ، ودخول بعض الألفاظ غير العربية في لغته.

- الإكثار من الصور الفنية والتشبيهات المبتكرة.

- انتشار المقطوعات الشعرية ذات الأوزان الخفيفة.