الفكرةُ الرئيسةُ عُقِدَ صُلحُ الحديبيةِ في العامِ 6هـ، بينَ المسلمينَ ومشرِكِيْ قريش، وٍقدْ اتّفقُوا على مجموعةٍ مِنَ الشُّروطِ منهَا: وقفُ الحربِ بينَ الطَّرفينِ مُدّةَ عشرِ سنواتٍ.
أستنيرُ في السنة السّادسة للهجرة رأي سيدنا رسول الله ﷺ في المنام أّنه دخل هو وأصحابه y البيت الحرام آمنين، لذا طلب منهم أنْ يتجهّزوا لأداء الُعمرة. وقد استبشر المسلمون بهذه الرؤيا ، فتَهَيّأوا لهذه الرحلة العظيمة. |
أولاً: خروج سيدنا رسول الله وأصحابه للُعمرة
خرج رسول الله ﷺ ومعه ألفٌ وأربعمئةٍ من الصّحابة الكرام y، ورافقته زوجة أُمُّ سَلمة؛ وقام صلى الله عليه و سلم بعدد من الأمور ليُشعِر قريشاً أن المسلمين لم يخرجوا للقتال وهي:
- أحرموا بالُعمرة ولبسُوا ملابس الإحرام.
- لم يحملوا سلاحًا إلا السيوف في أغمادها.
ثانياً: وصول سيدنا رسول الله ﷺ وأصحابه الكرام إلى الحديبية
لمّا سمعت قريش بخروج رسول الله ﷺ وتوجُّهه إلى مكة المُكرمة، قرّرت منْع المسلمين من دخول مكّة فلمّا عَلِم ﷺ بموقف كُفار قُريش غيّر طريق سيره؛ حِرصًا منه على تجنُّب القتال وإراقة الدّماء، وتعظيمًا للبيت الحرام، حتى وصل إلى الحديبية، وأرسل سيّدُنا رسول الله ﷺ الصحابي الجليل عثمان بن عفّان t إلى مكّة ليُقنِع قُريشًا بالسماح للمسلمين بأداء الُعمرة، ولكنّ قُريشًا رفضت، واحتجزت عثمان t، وتأخّر في العودة إلى رسول الله ﷺ، وأشيع خبرٌ عن مقتله.
فلمّا وصل الخبرُ إلى رسول الله ﷺ دعا الناس إلى مُبايعته على قتال المشركين؛ فأسرع الصحابة y يبايعونه على الجهاد في سبيل الله تعالى. وسُمّيت هذه البيعة باسم بيعة الشجرة أو بيعة الرّضوان، قال تعالى: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾
أتعلم:
البيعةُ: هي العهد على الطّاعة لولي الأمر.
ثالثا: شُروط صُلح الحديبية
لمّا علم كفار قُريش بمبايعة المسلمين سيّدنا رسول الله ﷺ على قتالهم؛ أطلقوا سراح عثمان بن عفان ري الله عنه، وبعثوا سُهيل بن عَمروٍ لكي يفاوض المسلمين على الصُلح. وانتهى التّفاوض بعقد صُلح الحديبية الذي تتلخّص شروطه في ما يأتي:
أ. تتوقف الحرب بين كُفارِ قُريشٍ والمسلمين مدة عشرِ سنين.
ب. يَرجِعُ المسلمون هذا العام من غير تأدية العُمرة على أنْ يعودوا في العام القادم لأدائها.
ج. يَردّ رسول الله ﷺ من يأتيه من قريش مُسلمًا من غير إذن وليّه، ولا تلتزم قُريش برد من يأتيها من عند رسول الله ﷺ مُرتدًا.
د. من أراد من القبائل العربية الدخول في حلف قُريش فله ذلك، ومنْ أراد منهم الدّخول في حلف المسلمين فله ذلك.
صورة مشرقة:
كان سيدنا رسول الله ﷺ يحب التفاؤل ويقول: (يُعجبني الفألُ الصّالحُ : الكلمة الحَسَنَةُ)، وفي يوم الحُديبية لمّا رأى ﷺ سُهيل بن عَمرو مبعوثًا من قريش للمسلمين، فقال متفائلًا باسمه: ( لقدْ سَهُل لكم من أمرِكمْ ).
رابعاً: موقف المسلمين من الصُلح
بعد أن فرغ رسول الله ﷺ من عقد صُلح الحديبية؛ تراءى لبعض المسلمين أنّ بعض بنود الصُلح قاسية، وشقَّ عليهمْ أنْ يرجعوا دون دخول البيت الحرام، حتّى إنّ عمرَ بن الخطاب جاء إلى سيّدنا رسول الله ﷺ بعد تمام الاتّفاق فقال: ( ألسْت نَبِيَّ الله حقّا؟ قال ﷺ: بلى، قال عمرُ: ألسنا على الحق، وعدُوُّنا على الباطِل؟ فقال ﷺ: بلى؛ فقال عمرُ: فَلِمَ نُعطي الدّنِيَّةَ في دِيننا إذن؟ فقال ﷺ : (إنّي رَسول اللهِ ، ولسْتُ أعْصيهِ ، وهو ناصري).
ثم أمرَ رسول الله ﷺ أصحابه بالتحلل من الإحرام ، وذلك بنحر الهدي وحلق الرأس وخلع ثياب الإحرام ، فتباطؤوا أملًا منهم أن يرجع ﷺ عن قراره ؛ فدخل على زوجته أُمّ سلمة مهمومًا لِتَباطُؤ بعض الصحابة ، فأشارت عليه أنْ يخرج إليهمْ ، وأنْ ينحر هديه، ويحلق رأسه ، ويتحلل منْ إحرامه دون أنْ يُكلم أحدًا منهمْ؛ ففعل رسول الله ما أشارتْ عليه به، فلمّا رأى الصّحابة رضي الله عنهم ما فعله رسول الله ﷺ، قاموا فَفَعلوا مثل فِعلِه ﷺ.
وفي طريق المسلمين إلى المدينة المنوّرة أنزل الله تعالى على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سورة الفتح.
خامساً: نتائج صُلح الحديبية
كانت لِصًلح الحديبية نتائج إيجابيةٌ عدّةٌ، منها:
أ. زيادة هيبة المسلمين في نفوس أعدائهم، واعتراف كفار قريش بالمسلمين.
ب. إتاحة الفُرصة لنشر الإسلام؛ فقد كان عدد الذين دخلُوا في الإسلام بعد الصُّلح أكثر ممّن دخلوا فيه قبل الصُّلح.
ج. دخول بعض القبائل العربية في حلف المسلمين.
د. أقرّت قُريش حق المسلمين بدخول بيت الله الحرام؛ فقد أدى المسلمون العُمرة بكل حُرية وأمان في العام السّابع من الهجرة بدلًا من تلك التي مُنعوا منها. وسُميت هذه العُمرة عُمرة القضاء.
سادساً: دروس وعبر منْ صُلح الحديبية
من الدّروس والعبر المستفادة منْ صُلح الحديبية:
أ. وجوب طاعة سيدنا رسول صلى الله عليه وسلم والانقياد له.
ب. جواز أن تكون هناك هُدنةٌ بين المسلمين وعدوّهم.
ج. دعوة الإسلام إلى السّلم والتّعاون وعدمِ السّعي لاستمرار حالة الحربِ.
د. مشاركة المرأة في صنع القرار.
فـقرة أستزيد
نُقض اتفاق الصُّلح من جهة قريش بعد عامين منْ عقده؛ وذلك بسبب اعتداء قبيلة بني بكر - وهم حُلفاء قريش - على قبيلة خزاعة حلفاء المسلمين، وقدْ ساعدتهم قُريش في الاعتداء، وكان هذا هو السبب المباشر لفتح مكة المكرمة.