الفصل الثاني-الوحدة الأولى -استقلال المملكة الأردنية الهاشمية |
أدى انهيار الحكومة العربية الفيصلية في سوريا عام (1920م) واحتلال فرنسا لها ؛إلى :
- فراغ سياسي في الأردن .
- تشكلت حكومات محلية في كل من الكرك والسلط وعجلون إلا أنها لم تلب طموحات أبناء الأردن في الوحدة ،والاستقلال ؛مما دفع أبناء الأردن وأحرار العرب الذين لجؤوا إلى الأردن إلى :
- الالتفاف حول الشريف الهاشمي الحسين بن علي لقيادة الحركة العربية في الأردن.
- وتحرير سوريا وتخليصها من الاحتلال الفرنسي.
فكلف نجله الأمير عبدالله بن الحسين بالتوجه إلى الأردن والقيام بهذا الواجب القومي .
أولا : نشأة إمارة شرق الأردن |
وبناء على توجيهات الشريف الحسين بن علي ،توجه الأمير عبدالله بن الحسين إلى الأردن فوصل إلى مدينة معان بتاريخ 21/تشرين ثاني عام 1920م ،واستقبله أبناء الأردن اِسْتِقْبالاً حافِلاً ،عبروا فيه عن آمالهم ببدء عهد جديد من الحرية والاستقلال والتخلص من الظلم والاستبداد ،وأعلن الأمير عبدالله هدفه من القدوم إلى الأردن المتمثل:
- مقاومة الاستعمار الأجنبي.
- تحرير البلاد العربية .
وبدأ زعماء الحركة الوطنية في الأردن يستعدون لاستقبال الأمير في عمان التي وصلها بتاريخ (2/آذار 1921م).
ونتيجة للجهود والمساعي التي بذلها الأمير عبدالله بن الحسين في خدمة القضايا العربية أعلنت بريطانيا استعدادها لبحث القضايا العربية ،وَبِناءً على ذلك كان لقاء الأمير عبدالله بن الحسين بعد سلسلة من الاتصالات مع وزير المستعمرات البريطانية ونستون تشرشل ،والمندوب البريطاني في فلسطين هربرت صموئيل في القدس بتاريخ 29/آذار عام 1921م ،وخاض الأمير عبدالله بن الحسين مفاوضات شاقة في ظل قرارات واتفاقيات مسبقة هدفت إلى تمزيق البلاد العربية ،إضافة إلى خطورة ما جاء في صك الانتداب الصادر عن عصبة الأمم (الذي ينص على شمول أرض الأردن ضمن الوعود التي ستنفذ على حساب البلاد العربية) ، وبخبرته السياسية ورؤيته الثاقبة للمستقبل استطاع الأمير انتزاع اعتراف بريطانيا بالبلاد الواقعة إلى الشرق من نهر الأردن بصفتها أرضا عربية مستقلة ،فتسنى للأمير عبدالله أن يؤسس إمارة شرق الأردن ،فشرع في بناء الدولة المركزية ،وعهد إلى رشيد طليع بتشكيل أول حكومة في شرق الأردن بتاريخ 11/نيسان /1921م .
ثانيا : المعاهدة الأردنية -البريطانية عام 1928م |
واصل الأمير عبدالله بن الحسين نضاله ومساعيه لنيل الاستقلال الكامل وإنهاء الانتداب مدعوما بالمطالب الشعبية ،فاستجابت الحكومة البريطانية لهذه المطالب ، وأبرمت المعاهدة الأردنية البريطانية في (20/شباط /1928م).
ولتعرف أهم بنود هذه المعاهدة تأمل ما يأتي :
أهم بنود المعاهدة الأردنية - البريطانية عام 1928م |
---|
|
|
|
|
ثالثا : النضال الأردني لنيل الاستقلال |
استمر الأمير عبدالله بن الحسين بجهوده ومساعيه لنيل الاستقلال التام بمشاركة الأردنيين جميعهم ، فأرسلت برقيات الاحتجاج للمندوب السامي البريطاني في القدس ،والمعتمد البريطاني في عمان تضمنت الفعاليات الأردنية ما يلي :
- رفض الانتداب البريطاني .
- رفض أي اتفاق لا ينص على سيادة الإمارة الأردنية واستقلالها الحقيقي.
- الدعوة إلى عقد مؤتمر عام يمثل أبناء الأردن كافة .
مما زاد من نشاط الحركة الوطنية ،فجاءت الدعوة إلى عقد مؤتمر عام يمثل أبناء الأردن كافة ،وانعقد المؤتمر الوطني الأردني الأول .
المؤتمر الوطني الأردني والذي يُعَدُّ أول مؤتمر وطني في تاريخ الأردن والذي عقد في وسط مدينة عمان عام (1928م) ،وحضره مئة وخمسون مندوبا من الزعماء والشيوخ والمفكرين والأدباء مثلوا مناطق شرق الأردن كافة. |
---|
قرارات المؤتمر : تم اتخاذ العديد من القرارات منها :
|
أبرز بنود الميثاق الوطني الأول : أولا : الإمارة الأردنية دولة عربية مستقلة ذات سيادة برئاسة سمو الأمير عبدالله بن الحسين وأعقابه من بعده . ثانيا :لا يعترف شرق الأردن بمبدأ الانتداب إلا بوصفه مساعدة نزيهة لمصلحة البلاد . ثالثا : يجب أن تكون الانتخابات حرة مصونة من كل تدخل ،وأن تكون الحكومة مسؤولة أمام البرلمان . رابعا : يُعَدُّ الأردن كل تشريع استثنائي لا يقوم على أساس العدل والمنفعة العامة وحاجات الشعب الصحيحة تشريعا باطلا .
علي محافظة ،الفكر السياسي ،ج 2 ،ص 245-246 |
وقد تبع عقد المؤتمر الوطني الأول مؤتمرات وطنية أخرى بين عامي (1929-1933م)ساندت جهود الأمير عبدالله بن الحسين في السعي نحو الاستقلال وقد عكست المؤتمرات الوطنية الأردنية ما يلي :
- وحدة الشعب الأردني والتفافه حول القيادة الهاشمية .
- نمو الوعي السياسي والفكري لدى الأردنيين بوقت مبكر من تاريخ الإمارة.
- قدرة الأردنيين على مواجهة الأحداث السياسية التي تهدد الوطن .
واصل سمو الأمير عبدالله بن الحسين والأردنيون نضالهم للحصول على الاستقلال ،وأرسلت المذكرات الاحتجاجية الشعبية والرسمية إلى عصبة الأمم بصفتها منظمة دولية ،وإلى الحكومة البريطانية بوصفها الدولة المنتدبة على الأردن ،وعمت الاحتجاجات الشعبية مدن الأردن وقراه كافة للمطالبة بالاستقلال .
وقد توجت جهود القيادة الهاشمية ،والوعي الأردني وطموحه في إنشاء دولة المؤسسات والقانون المستندة إلى النهج الديمقراطي .
ففي عام (1945م) اعترفت بريطانيا بقرار هيئة الأمم المتحدة والذي نص على:
أن الأردن وصل إلى مرحلة استكمال بناء مؤسساته الدستورية لتحقيق دولة ذات سيادة قادرة على إدارة شؤونها بنفسها . |
وعلى إثر ذلك هذا الاعتراف وجه سمو الأمير عبدالله بن الحسين مذكرة للحكومة البريطانية مُصِرّاً فيها على إعلان الاستقلال ،وأكد سمو الأمير ضرورة استقلال شرق الأردن ،وذلك في المهرجان الذي أقيم تحت رعايته في عمان في 28/كانون الثاني /عام (1946م)حيث قال في خطابه :
إن من حق الأردن أن يبتهج ويغتبط بما هو حق له من تمام الاستقلال والسيادة ، ولطالما قلنا إن شرق الأردن هو أهم جزء من بلاد العرب شارك الحجاز في حرب التحرير ،لذلك فله أن يسر بتحقيق أهدافه القومية ،وعلينا أن نسر لسروره ،لقد كنت خادم الأمة عندما قدر لي المشاركة في وضع أسس الثورة العربية الكبرى التي انبثق عنها كيان العرب الدولي الحديث ،وانتهت إلى وطن عربي مكين يعتز بدوله المستقلة ،والتي نتمنى لها العزة والثبات والقوة والنجاح ،مع العمل جاهدين لتوثيق الصلات الأخوية بينها تَحْقِيقاً للغاية القومية المشتركة . |
رابعا: إعلان الاستقلال |
تَتْوِيجاً لجهود سمو الأمير عبدالله بن الحسين ونضاله المستمر وتطلع الأردنيين لنيل الاستقلال ،فقد توجه سموه إلى بريطانيا يرافقه رئيس الوزراء إبراهيم هاشم من أجل استكمال إجراءات استقلال وإنهاء الانتداب البريطاني ،وتأكيد أن شرق الأردن دولة مستقلة ذات سيادة.
وعقد المجلس التشريعي الأردني جلسة خاصة قدم بها قرار مجلس الوزراء والمجالس البلدية المتضمن رغبة البلاد في الاستقلال ، وَلِتَعْرِفَ هذا القرار اقرأ النص الآتي :
قرار مجلس الوزراء والمجالس البلدية الأردني المتضمن رغبة البلاد في الاستقلال . استنادا إلى حقوق البلاد الشرعية والطبيعية ،وما حصلت عليه من وعود وعهود دولية رسمية ،وبناء على ما اقترحه مجلس الوزراء في قراره بتاريخ 15/أيار / 1946م ،فقد بحث المجلس التشريعي النائب عن الشعب الأردني أمر استقلال البلاد الأردنية اِسْتِقْلالاً تامّاً على أساس النظام الملكي النيابي الوراثي ،مع البيعة لسيد البلاد ،ومؤسس كيانها (عبدالله بن الحسين المعظم)ملكا عليها . الجريدة الرسمية ،عدد 861،بتاريخ 25/أيار/ 1946م
|
وترتب على هذه الإجراءات التي قامت بها القيادة الهاشمية ومجلس الوزراء والمجالس البلدية وما اتخذ من إجراءات من قبل القيادة والحكومة ؛عقد المجلس التشريعي الخامس جلسة استثنائية بتاريخ 22/أيار/ 1946م أَقَرَّ بها جملة من التعديلات الدستورية على دستور عام 1928م(القانون الأساسي) من أهمها :
التعديلات الدستورية التي تمت على دستور عام 1928م (القانون الأساسي ) |
|
وبمقتضى الاختصاصات الدستورية الممنوحة للمجلس التشريعي الأردني قرر ما يأتي :
قرار المجلس التشريعي الخامس الأردني :
|
الملك عبدالله الأول ابن الحسين يوقع وثيقة الاستقلال ويوشحها بالعبارة الآتية "متكلا على الله تعالى أوافق على هذا القرار ،شاكرا لشعبي واثقا بحكومتي ". |
وفي 25/أيار /1946م أعلن استقلال المملكة الأردنية الهاشمية ،وأصبح اليوم الرسمي للاحتفال بمناسبة الاستقلال في كل عام ،وألقى الملك عبدالله الأول ابن الحسين خطابا تضمن أهم قواعد منهجه السياسي ،ولتعرف أهم هذه القواعد اقرأ ا
الخطاب الملكي السامي بمناسبة يوم الاستقلال /الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين |
►الملك عبدالله الأول ابن الحسين يعلن استقلال المملكة الأردنية الهاشمية في اليوم المبارك الموافق 25/آذار / 1946م والذي أصبح اليوم الرسمي للاحتفال بمناسبة الاستقلال في كل عام ،وألقى في هذه المناسبة . خطابا تضمن أهم قواعد النهج السياسي الهاشمي الأردني : |
إنه لمن نعم الله أن يدرك الشعب بأن التاج معقود رجائه ورمز كيانه ومظهر ضميره ووحدة شعوره ،بل إنه لأمر الله ووصية رسله الكرام أن يطالع الملك شعبه بالعدل وخشية الله ،لِأَنَّ العَدْلَ أَساسُ المَلِكِ ،وَرَأْسُ الحِكْمَةِ مَخافَةُ اللّٰهِ . وإننا في مواجهة أعباء مٌلكنا وتعاليم شرعنا وميراث أسلافنا المثابرين بعون الله على خدمة شعبنا والتمكين لبلادنا والتعاون مع إخواننا ملوك العرب ورؤسائهم لخير العرب جميعا ،ومجد الإنسانية كلها ... على أننا ونحن في جوار البلد المقدس فلسطين العربية الكليمة ستظل فلسطين بأعيننا وسمعنا ،متوجهين إلى الله العلي القدير بأن يسدد خطانا ويثبتنا في طاعته وحفظ أمانته ، وأن يهدينا صِراطاً مُسْتَقِيماً . |
عاشت الديار الأردنية بعد إعلان الاستقلال ،في يوم 25/أيار /1946م ، فرحة كبرى عمت مدن الأردن وقراه وبواديه وجرت مراسيم الاحتفال بهذه المناسبة وتمثلت كذلك بما يلي :
- تقديم وثيقة البيعة بالمُلك بحضور أعضاء المجلس التشريعي وكبار رجال الدولة وممثلي الدول .
- جرى استعراض حافل للجيش العربي شهده وشارك به الآلاف من أبناء الأردن والبلاد المجاورة .
- أبلغ وزير الخارجية الدول العربية ودول العالم بقرار استقلال الأردن .
- استقبل الأردن قيادة وحكومة برقيات التهنئة والمباركة بمناسبة الاستقلال والبيعة لسيد البلاد من البلاد العربية والعالمية .
مرحلة الجديدة من العهد الهاشمي
بدأت بعد إعلان الاستقلال مرحلة جديدة من النهضة الأردنية الهاشمية في المجالات كافة منذ عهد الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين ،واستمرت من بعده في عهد الملك طلال بن عبدالله (واضع الدستور ) ،ثم دخلت المملكة مرحلة جديدة من البناء والإعمار والتطور عندما حمل الراية الهاشمية الملك الباني الحسين بن طلال ،إذ شهد الأردن في عهده إنجازات عديدة ، وحمل الراية الهاشمية من بعده الملك المعزز عبدالله الثاني ابن الحسين الذي ورث الإرث الهاشمي المبارك من الشرعية التاريخية والدينية وشرعية الإنجاز التي تستند إلى نسب الهاشميين الموصول بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم )والدور المميز الذي قام به بنو هاشم في حمل راية الإسلام والدفاع عنه .
تأمل شجرة النسب الهاشمي المبارك :
خامسا : الراية الأردنية |
تُعَدُّ الراية الأردنية رمز العزة القومية ،وعنوان السيادة والحرية والحياة الفضلى ،ورمز كرامة المواطن التي تستحق التضحية في سبيلها .
استمدت الراية الأردنية بصورتها الحالية من راية الثورة العربية الكبرى التي انطلقت من مكة عام (1916م).
راية الثورة العربية الكبرى
دلالات الراية الأردنية إلى الآتي :
- اللون الأسود : رمز راية (العقاب )وهي راية الرسول صلى الله عليه وسلم ،ثم اتخذتها الدولة العباسية راية لها.
- اللون الأبيض : رمز راية الدولة الأموية .
- اللون الأخضر : رمز راية آل البيت ،ثم اتخذتها الدولة الفاطمية رَمْزاً لها .
- اللون الأحمر : راية الأسرة الهاشمية .
- النجمة السباعية :وترمز النجمة السباعية في منتصف المثلث الأحمر إلى السبع المثاني في فاتحة القرآن الكريم .
سادسا : شعار المملكة الأردنية ودلالاته |
يتكون شعار المملكة الأردنية الهاشمية من :
- التاج الملكي الهاشمي يعلوه رأس حربه .ويرمز إلى أن نظام الحكم في المملكة الأردنية الهاشمية نظام ملكي وراثي .
- الوشاح الأحمر : يمثل العرش الهاشمي ،ويرمز إلى الفداء والصفاء .
- الريتان : راية الثورة العربية الكبرى على الجانبين .
- طير العقاب : يمثل القوة والبأس والعلو ،ويرمز لونه إلى راية الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم وعمامته .
- الكرة الأرضية :ترمز إلى انتشار الإسلام وحضارته في العالم .
- الأسلحة العربية :يوضع أمام الكرة الأرضية ترس مصنوع من معدن البرونز ،وعلى جانبي الترس سيف ورمح وقوس وسهام ذهبية اللون ترمز إلى الدفاع عن الحق .
- السنابل الذهبية وسعفة النخيل : تحيط السنابل الذهبية الثلاث بالترس من اليمين ،سعفة نخيل من اليسار ،وترتبط كلاهما بشريط وسام النهضة من الدرجة الأولى ومعلق ومثبت في منتصف الشريط ،ويرتبط بقاعدة السنابل والسعفة .
- وسام النهضة من الدرجة الأولى .
- الشريط الأصفر :
يتدلى الشريط الأصفر أمام شريط وسام النهضة ،ويتكون من ثلاثة مقاطع مطرزة عليه العبارات الآتية :
- في الجهة اليمنى (عكس الناظر له )عبدالله الثاني ابن الحسين بن عوف .
- في الوسط ملك المملكة الأردنية الهاشمية .
- في الجهة اليسرى (عكس الناظر له) "الراجي من الله التوفيق والعون ".