الدرس الثالث
منازل الحج الشامي في الأردن في العصر الأموي
بعد انتقال عاصمة الدولة الأموية من المدينة المنورة إلى دمشق، نال الطريق الذي سلكه الحجاج من دمشق إلى الديار المقدسة في الحجاز، اهتماماً كبيراً من الأمويين؛ لأن القافلة الكبرى للحجاج كانت تخرج من دمشق.
أولاً: قافلة الحج الشامي في العصر الأموي
اختيار الرسول -عليه السلام- أميراً لقافلة الحج وهو أبو بكر الصّديق -رضي الله عنه- سنة ٩هـ / ٦٣م، شكل تقليداً في الدولة الإسلامية؛ وذلك لرعاية قافلة الحج خلال مسيرها إلى الأراضي المقدسة، فقد كان يرأس قافلة الحج أحد كبار رجال الدولة ولا يزال هذا التقليد مستمراً إلى وقتنا الحاضر، كرئاسة وزير الأوقاف الأردني لبعثة الحج الأردنية كل عام.
كان النداء بالحج يتمّ في أوائل النصف الثاني من شهر رجب سواء في دمشق أو في مصر، وتستمر الرحلة قرابة الثلاثة أشهر، وكان يوم خروج الرَّكب الشامي من دمشق يوماً مهيباً، تقام فيه الاحتفالات، وتظهر الزينات ويودع الرّكب الخلفاء والأمراء والعامة وذوو الحجاج.
ثانياً: أهم منازل الحج الشامي في الأردن
كانت قوافل الحج من آسيا الصغرى ومصر والمغرب الذين يسلكون طريق البحر إلى الشام ينضمون لقافلة الحج الشاميّ في مراكز التقاء معينة عبر طريقها إلى الديار المقدسة وكانت دمشق مركز انطلاق قافلة الحج.
وتعددت منازل (محطات) الحج الشامي في الأردن، والتي كان يبعد كل منها عن الآخر بمقدار مرحلة، والمرحلة مسيرةُ يوم وتقدّر بحوالي (٤٥-٥٠ (كم، وتعد (أذرعات) التي يطلق عليها اليوم اسم درعا آخر منازل الحج في الأراضي السورية، ثم يبدأ الجزء الأردني من طريق الحج الشامي. وللتعرف إلى أهم منازل الحج في الأردن تأمل الخريطة المجاورة.
١- الفدين (المفرق)
وهي أولى منازل الحج الشامي في الأردن، وقد كشفت الآثار عن وجود قصر ومسجد وحمامات وقطع فخارية ومسكوكات تعود للعصر الأموي وهي تشير إلى أن الموقع كان يخم الحجيج والمسافرين والتجار.
٢- الأزرق
اهتم بها خلفاء بني أُمية وأقاموا بها القصور والاستراحات للقوافل التجارية وقوافل الحجاج، فكانت مزودة بالبرك والآبار.
٣- الزرقاء
هي مركز للمراقبة والحراسة على طريق الحج وقد اشتهر أهل الزرقاء بكونهم أدلاء يرشدون القوافل.
٤- عمّان
كانت عمّان في العصر الأموي سُوقاً عامرةً على طريق القوافل، ومقصداً للحجّاج الراغبين في شراء حاجاتهم وسلعهم، فكان لحاجات الحجيج أثر في تحديد مسار طريقهم، وقد بنى فيها الأمويّون قصراً ومسجداً، ووضعوا فيها حامية للحفاظ على أمن الطريق، وكان بها مرزاً لسكّ العملة.
٥- القسطل
عُثر في القسطل على مجموعة من النقوش التي كانت أدعية لحجّاج ذاهبين لأداء فريضة الحجّ أو عائدين إلى بلادهم بعد قضائها.
وقد ذكرها الشاعر كُثيّر عزةَ في معرض مدحة للأمويين بقوله:
سقى الله حيّاً بالموقر دارهم إلى قسطل البلقاء ذات المحارب
٦- زيزياء (الجيزة)
اشتهرت ببركة الماء الرومانية التي كان يتزود منها الحجاج بالماء، وهي منطقة غنية بالمحاصيل الزراعية، وكان الخليفة الوليد بن يزيد يطعم من مرّ فيها من الحجاج ثلاثة أيام ويعلقُ دوابّهم.
٧- معان
وهي من منازل الحجّ المشهورة، وقد عمّرها بنو أمية وأنشأوا فيها سوقاً كبيراً، وكان الحجّاج يخزنون فيها أمتعتهم الزائدة في أماكن تتم حراستها إلى حين عودتهم.
۸- أيلة (العقبة)
كانت ملتقى حجاج الشام بحّجاج مصر والمغرب.
۹- سَرغُ (المدورة)
وفيها آخر منازل الحجّ في الأردن.
ثالثاً: مظاهر اهتمام الأمويين بطريق الحجّ الشامي
نظراً لأهمية طريق الحجّ الشاميّ، فقد لاقت اهتماماً خاصاً من قبل الخلفاء الأمويين. وللتعرف إلى أهم مظاهر هذا الاهتمام تأمل الشكل الآتي :
مظاهر اهتمام الأمويين بطريق الحجّ الشاميّ |
الإنفاق على الحجيج وإطعامهم. |
إقامة القلاع والقصور والخانات والأسواق على امتداد طريق الحجّ لتقديم الخدمات للحجيج. |
حفر الآبار والبرك لتأمين الحُجّاج بالماء. |
إصلاح الطريق، وتوزيع الأموال على القبائل التي تقطن إلى جانب طريق الحجّ لتوفير الأمن والجمال التي تنقل الحجّاج وأمتعتهم. |
الشكل (4-8): مظاهر اهتمام الأمويين بطريق الحج الشامي