الفصل الثاني : النهضة التعليمية والثقافية في الأردن |
يُعَدُّ التعليم جوهر عملية التغيير، والمورد الاقتصادي الأساس للتنمية، وفي ظل الإمكانات والموارد المحدودة، فقد أصبح الاستثمار في قطاع التعليم من أبرز ما حققه الأردن من إنجازات، حتى أصبح الأردن من الدول المتقدمة في التعليم على مستوى العالم، وقد رفد الأردن الدول العربية الشقيقة بالخبرات التعليمية ذات الكفاءة العالية، ما أسهم في تطوير منظومة التعليم لديهم.
أولا :تطور التعليم في الأردن |
بدأ الاهتمام بالتعليم منذ تأسيس الإمارة رغم شح الإمكانات، إذ بلغ عدد المدارس آنذاك ثلاث مدارس ثانوية متوسطة (مدة الدراسة فيها سنتان) في السلط وإربد والكرك، ثم أصبحت مدرسة السلط الثانوية كاملة (مدة الدراسة فيها أربع سنوات)، ثم تبعتها ثلاث مدارس في إربد والكرك وعمان.
وأصـبـح فـي شـرق الأردن في عام ١٩٣١م خمسون مدرسة للذكور، وعشر مدارس للإناث، ومدرسة صناعية واحدة.
► وفي عام ١٩٣٩م صدر نظام المعارف وتعديلاته ، وَقُسَّمَتْ بموجبه الإمارة من الناحيـة التعليمية ثلاثة ألوية هي:
- لواء عجلون.
- لـواء الكرك ومعـان.
- لـواء البلقاء.
وتنوعت المدارس بين حكومية وخاصة.
• برأيك، ما دلالة وجود مدارس ثانوية في الأردن منذ تأسيس الإمارة؟.
|
►كان الطلاب قبل عام ١٩٣٩م يتخرجون في المدارس الأولية بعد اجتياز الامتحانات المدرسية.
► أما بعد العام الدراسي (١٩٤٤-١٩٤٥م ) فقد أصبح الحصول على شهادة الدراسة الأولية مَشْرُوطاً بنجاح الطالب في الامتحان الذي تشرف عليه وزارة المعارف آنذاك (وزارة التربية والتعليم لاحقا ).
وبلغ عدد المدارس في الأردن بعد الاستقلال سَبْعاً وَسَبْعِينَ مدرسة حكومية، وكان تطور أعداد المدارس مَحْدُوداً، لأن:
- افتتاح المدارس كان مُقْتَصِراً على المدن وبعض التجمعات السكانية في الريف.
- إضافة إلى قلة الموارد المالية.
- وضعف اهتمام الأهالي بالتعليم، وخاصة تعليم المرأة.
وأسهم الأردنيون في النهضة التعليمية والثقافية وذلك عن طريق :
- دفع تكاليف التعليم الأساسية في تلك المدة مثل بناء المدارس.
- دفع أجور المعلمين .
- دفع ثمن مواد التعليم.
وكان على البلديات والمجالس القروية تحمل أعباء :
- بناء المدارس الأساسية .
- تقديم قطع من الأراضي لوزارة التربية والتعليم تَسْهِيلاً للبناء، ورغبة منهم في نشر التعليم بين أفراد الشعب الأردني.
ولم يقتصر التحصيل العلمي للأردنيين على المدارس الأردنية، بل كان المتفوقون يحصلون على بعثات علمية إلى جامعات عربية مكافأة لهم على نفقة الحكومة، ومن أبرز الجامعات التي درسوا فيها (الجامعة الأمريكية في بيروت، الجامعة السورية في دمشق، جامعة الأزهر في القاهرة).
وكان لدستور عام ١٩٥٢م أثر في إحداث نهضة تعليمية في الأردن، إذ أقر إلزامية التعليم ومجانيته.
وفي عهد الملك الحسين بن طلال تضاعف عدد المدارس وعدد الطلبة الملتحقين بها ،وجفت منابع الأمية إلى حد كبير ،وافتتحت الجامعات ، وتخرج فيها آلاف الأردنيين المتسلحين بأعلى درجات الكفاءة في مختلف العلوم.
ووصل تطور التعليم في الأردن ذروته في عهد الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، حيث أولى التعليم جل عنايته، وبناء على توجيهاته البناءة في التعليم شهدت المدارس في عهده :
- ارتفعت نسبة الإنفاق على التعليم إلى حد غير مسبوق.
- ثورة في استخدام تكنولوجيا المعلومات وتوظيفها في الغرفة الصفية.
- وَجرى تَرْكِيزاً على التعليم المستمر مدى الحياة، وَتَفْعِيلاً لدور الطالب ليكون منتجا للمعرفة مُحَلِّلاً لها.
- الاهتمام بالبيئة التعليمية الآمنة وإغناؤها بالمصادر والمختبرات والمشاغل.
- الاهتمام بالتعليم المهني والتقني لرفد سوق العمل بما يحتاج إليه من الكوادر المؤهلة.
- تأهيل المعلمين وتدريبهم قبل الخدمة وفي أثنائها.
- زاد عدد المدارس لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة.
- وزادت العناية بالطلبة المتميزين بإيجاد مدارس الملك عبد الله الثاني للتميز المنتشرة في محافظات المملكة كافة.
- حدث توسع كبير في التعليم الجامعي كَما وَنَوْعاً وصولا إلى أعلى معايير الجودة في التعليم.
ثانيا : تطور النشاط الثقافي في الأردن |
تُعَدُّ الثَقافَةُ عن عُنْصُراً أَساسِيّاً في تقدم المجتمعات، وهي حصيلة التطور في المجالات الإنسانية جميعها من تراث وفنون وآداب ولغة وفكر.
بدأ النشاط الثقافي في الأردن منذ تأسيس الإمارة، حيث كان:
- بلاط الملك عبد الله الأول ابن الحسين ملتقى الأدباء والشعراء والمفكرين، إذ كان الملك عبد الله الأول أَدِيباً وَشاعِراً،
- تطبيق الملك عبدالله الأول للنهج الديمقراطي ثَقافِيّاً وَسِياسِيّاً .
- تشجيع الملك عبدالله الأول على إصدار الصحف والمجلات من المظاهر الدالة على الوعي الثقافي آنذاك ، ومن أشهر الصحف الصادرة صحيفة (الحق يعلو)، وصحيفة (الشرق العربي) ، التي تغير اسمها إلى (الجريدة الرسمية) عام ١٩٢٦م.
ونشطت الحركة الثقافية في الأردن بعد تأسيس دائرة الثقافة والفنون عام ١٩٦٦م التي اهتمت بالكتاب والمثقفين والفنانين، ودعم إنتاجهم الفكري، وكانت جُزْءاً من وزارة الإعلام والسياحة والآثار، وتعددت مظاهر التطور الثقافي في ما بعد بصدور المجلات الثقافية كمجلة أفكار، وتأسيس قصر الثقافة، ورابطة الكتاب الأردنيين، ورابطة المسرحيين الأردنيين، ومؤسسة آل البيت للفكر الإسلامي.
وحرص الملك عبد الله الثاني ابن الحسين على الارتقاء بالحركة الثقافية، ولتعرف ذلك اقرأ النص الآتي من خطاب العرش السامي في تشرين ثاني عام ٢٠٠٠م:
ستظـل الحركة الثقافية موضع الرعاية والاهتمام من خلال دعم الكتاب والمثقفين، وتقديـر الإبـداع والمبدعيـن، وإيجاد العديد مـن المراكز والمؤسسات التي تساعد على النهوض بالحركة الثقافية. |
ومن أبرز الإنجازات التي تحققت في المجال الثقافي في عهد الملك عبد الله الثاني ما يأتي :
- إعلان عمان عاصمة للثقافة العربية عام ٢٠٠٢م، لتأكيد القيمة الحضارية للمدينة، وإظهار ما تزخر به من تراث عريق، وتمثل ذلك بإصدار الكتب في مختلف حقول المعرفة، وعقد محاضرات وندوات عن أبرز أعلام الفكر والثقافة في الأردن، إضافة إلى إقامة معارض للفنون التشكيلية.
- إعلان مدينة أردنية كل عام تحمل اسم مدينة الثقافة الأردنية.
- إنشاء الهيئة الملكية للأفلام عام ٢٠٠٣م؛ وهي مؤسسة حكومية تهدف إلى تطوير صناعة مواد مرئية ومسموعة قادرة على المنافسة عن طريق تطوير القدرات البشرية والفنية والمالية.
- إنشاء مراكز ثقافية جديدة في المدن الأردنية، مثل مركز الملك عبدالله الثاني الثقافي في مدينة الزرقاء، ومركز الأمير الحسين الثقافي في مدينة معان .
- إطلاق مهرجان القراءة للجميع (مكتبة الأسرة) الذي يعد من المشاريع الوطنية الرائدة التي بدأت عام ٢٠٠٧م، ويهدف إلى إصدار العديد من المؤلفات في شتى المعارف الإنسانية، وبيعها بأسعار رمزية للحث على القراءة والاهتمام بالكتاب.
- تشجيع السياحة الثقافية، حيث أنشئ متحف الأردن في منطقة رأس العين بمدينة عمان الذي يحوي آثار الأردن التاريخية.