القضايا الأدبية

التوجيهي أدبي

icon
جماعة أبولو

هي إحدى المدارس الأدبية في الأدب العربي الحديث، ضمت بعض شعراء الاتجاه الرومانسّي في مصر والعالم العربي.

سميت بذلك نسبة إلى إله الموسيقا والشعر عند الإغريق .

 

عوامل أسهمت في نشأة وتأسيس جماعة أبولو من أهمها:

١- الجدل الذي احتدم بين الاتجاه المحافظ وجماعة الديوان.

٢- تراجع الإنتاج الشعري لجماعة الديوان.

٣- زيادة الانفتاح على الآداب الغربية.

٤- التأثر بأدب المهجر.

 أشهر روّاد جماعة أبولو وبعض دواوينهم:

١- مؤسسها أحمد زكي أبو شادي «الشفق الباكي».

٢- إبراهيم ناجي «وراء الغمام».

٢- علي محمود طه «الملاح التائه».

٣- أبو القاسم الشابي« أغاني الحياة».

٤- محمود حسن إسماعيل «تائهون.»

وقد بعث أصحاب هذه الجماعة جوّا شعريّا جديدا يمزج بين تراث الشعر العربي القديم، والأدب الأوروبي الحديث، فدعوا إلى الوحدة العضوية للقصيدة، وابتعدوا عن شعر المجاملات والمناسبات؛ فالشعر عندهم تجربة ذاتية تنبع من الأعماق، ودعوا إلى طرْق موضوعات جديدة، وتناولوا الأشياء البسيطة المألوفة بروح إنسانية وتأمل فكري، ولم يدخلوا في معارك جدلية مع شعراء الاتجاهات الشعرية الأخرى، ونظروا إليها نظرة احترام وتقدير، فاختاروا أحمد شوقي رئيسا لجماعتهم تكريما له، واستكتبوا العقاد في مجلتهم.

من أبرز الموضوعات التي تناولها شعراء جماعة أبولو:

١- الانغماس في الطبيعة، والتعلّق بجمالها، وتشخيصها ومناجاتها، فهي ملاذهم الآمن الذي بثوا إليه مشاعرهم، وجعلوها تشاركهـم أحاسيسهم، وابتعدوا عن وصـفـها الـتقـليــدي، وأكثروا من التعبير عن معانيهم بالصورة الشعرية، يقول علي محمود طه:

أُفُقُ الأرْضِ لم يـَزَلْ في حـواشيـه       صــــــدًى حــــــــــائـرٌ بألْـحـانِ طيرِ

وَعــــــلى شـــــاطِــــــئ الـغــديــر ورودٌ       أغْمَضَت عينَها لِمَطْلعِ فـجرِ

وَسَرى الـــمـــاءُ هـادئـا فــي حـوافيـ       ـه يغنّي ما بينَ شَوْكٍ وصَخْرِ

وَكَــأَنَّ الـــــنـُّـــــــــجــومَ تـَسْــــبَــحُ فـيه        قُــــبُــــــــلاتٌ هَـفـَــتْ بحالِم ثَغْــرِ

وكأَنَّ الـــــوجــــــــــودَ بَـحْـرٌ مِـنَ النّــــورِ        عـلـــى أُفْـــــقِـهِ المَلائـكُ تسْري

٢- الاهتمام بالحب، والحديث عن المرأة، وعلاقة العاشق بالمعشوق، والشعور بالألم والحرمان، والإحساس بالغربة إذا غاب الحبيب. يقول إبراهيم ناجي في قصيدة (الغريب) معبّرا عن تجربته الشعرية الذاتية التي تنبع من الأعماق:

يا قاسي القلْبِ كيـــــفَ تبتعِد؟        إني غــريبُ الفؤادِ منفــــــردُ

إن خانني اليومَ فيك قلـت غدا        وأين منّي وَمِنْ لُقاكَ غـــــدُ

مِــــلءَ ضلوعـــــي لَظًى وأَعْجَبُهُ          أنـّي بــــهـذا الـلـهـيـبِ أبتردُ

يا تـــــارِكـــي حيـــثُ كانَ مجلِسُنا         وحيــــثُ غنّاكَ قلبِي الغَرِدُ

إنـّي غَـــــريــــــــبٌ تـعـالَ يا سـَكَني         فَلَيْسَ لي في زحامِهِم أحـدُ

٣- الاستمتاع بحياة الريف وبساطتها وطيب أهلها، والحديث عن الرعاة ومظاهر الحياة في الريف، والدعوة إلى الانصراف عن حياة المدينة، فالشابي في قصيدة (من أغاني الرعاة) يمزج بين عناصر اللون والصوت والرائحة والحركة، ويوظف الألفاظ الموحية، ويضفي عليها دلالات أخرى؛ فالضباب مستنير، ومعروف أنّ الضباب يكون كثيفا قاتما يحجب الرؤية، لكن الشاعر أراد له دلالة أخرى تتناسب مع جو القصيدة، يقول:

فــأفـــــــيـــــــــقــي يـا خــــــــرافــي        وَهـــلُـــــــمّــي يــا شِــــــيـــــاهْ

وَاتْــــــبَــعـــــيـــــــنــي يـا شِياهـي        بـيـن أَســرابِ الـطُّــــــيــورْ

وَامْـــــلَــــئــــــــــي الــوادي ثـُغـــاءً         ومــــــــــــراحــــًا وحُــــــــبـــــورْ

واسْمعي همس السّـواقي        وانْـشُقـيِ عِـطْـرَ الـزُّهـورْ

وانْــــظُـــــــري الوادي يُغَشّــــيـــ        ـهِ الضَّـبــابُ المُسْتنيـــرْ

٤- الحنين والشوق إلى الوطن والذكريات الجميلة، يقول أحمد زكي أبو شادي في قصيدة (المناجاة) في أثناء وجوده في الولايات المتحدة الأمريكية مشتاقا إلى وطنه:

طَـــــــرَفَتْ، فَلَمّا اغْرَوْرَقَتْ عينـي         وَصَحَتْ صَحَوْتُ لِلَوْعَةِ الـبَيـْنِ

خَمْسٌ مِنَ السَّنَواتِ قَدْ ذَهَبَتْ         بـِأَعَـــــزِّ مـا سَــــمَّـيْـــــتُـهُ وطنــــي

مـَــنْ ذا يُحِـــــــسُّ شُعورَ مُغْتَرِبٍ         غَـيـْــــرُ الـــــرَّبيــــعِ بِدَمْعِهِ الهَتِنِ 

الخصائص الفنية لشعر جماعة أبولو:

باستعراض النماذج الشعرية السابقة نجد أن شعر جماعة أبولو:

١- يميل إلى التشخيص والتجسيم من خلال استخدام الصورة الشعرية، فعندما تقرأ مقطوعة شعرية تتخيلها مرسومة أمامك، مثال ذلك قول علي محمود طه:

وَعــــــلى شاطِئ الـغــديــر ورودٌ       أغْمَضَت عينَها لِمَطْلعِ فـجرِ

وَسَرى الـماءُ هـادئـا فــي حـوافيـ      ـه يغنّي ما بينَ شَوْكٍ وصَخْرِ

٢- يستخدم الألفاظ الموحية، فتنتقل الألفاظ البسيطة المألوفة إلى معانٍ بعيدة، مثل قول إبراهيم ناجي:

مِلءَ ضلوعـــــي لَظًى وأَعْجَبُهُ          أنـّي بـهـذا الـلـهـيـبِ أبتردُ

ينطوي هذا البيت على مفارقة، فكيف يبترد باللهيب؟ لكن الشاعر وظف هذا اللفظ بما يتناسب مع جو القصيدة، وكذلك حين وظف الشابّي الضباب الذي يحجب الروؤية فجعله مستنيًرا في قوله:

وانْظُري الوادي يُغَشّــــيـــ        ـهِ الضَّـبــابُ المُسْتنيـــرْ

٣- يهتم بالتجربة الشعرية، فالقصيدة تنبع من أعماق الشاعر حين يتأثر بشيء ويستجيب له استجابة انفعالية؛ كما في قصيدة (الغريب) لإبراهيم ناجي.