مقدّمة
- خُلق الإنسان على حب الخير والاستزادة منه قال تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيد﴾.
- وهو أمر فطري عنده إلّا إذا أصبح طعمًا، وأمانّي لا يمكن تحقيقها، لذا أمرنا الله تعالى بالقناعة، فما القناعة؟ وما دليل مشروعيتها؟ وما أهميتها آثارها؟
أولاً: معنى القناعة
- هي رضا الإنسان بما قسمه الله تعالى له، بعد الأخذ بالأسباب بطريق مشروعة دون النظر إلى ما في أيدي الناس.
- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قد أفلح من أسلم، ورُزِق كفافًا، وقنَّعه الله بما آتاه) ، أي رضي الله تعالى بما قسم له.
- والقناعة مظهر من مظاهر الإيمان؛ لأنّها:
- تجعل المؤمن يرضى بما اختاره الله تعالى له من نصيب في الحياة الدُّنيا، ويتطلَّع إلى العطاء الأكبر يوم القيامة.
- فيشعر بالغنى عمّا في أيدي النّاس ولو كان فقيرًا؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: (ليسَ الغِنَى عن كثْرَةِ العَرَضِ، ولكنَّ الغِنَى غِنَى النّفس).
ثانياً: من مظاهر عدم القناعة
- الإسراف الذي يجعل الإنسان دائمًا يتطلع إلى أكثر مما في يديه من الرزق.
- السُّخط وعدم الرّضا والشكوى دائمًا.
- حسد الآخرين على ما آتاهم الله تعالى من فضله.
- عدم شكر الله تعالى على النعمة.
- التّجاوز عن الحلال إلى الحرام لإشباع الرغبات.
ثالثاً: آثار القناعة
للقناعة آثار تعود على الفرد والمجتمع بالخير، منها:
- تحرير النفس البشرية من العبودية للمال والشهوات، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تعِس عبد الدِّينار، والدِّرهم، والقطيفة، والخميصة، إن أُعطِي رضي، وإن لم يعط لم يرضَ).
- تحقيق الكرامة ومروءة للإنسان، لأنّ مَن رضي بما قسم الله تعالى له لا يُذلُّ نفسه للناس.
- تربية النّفس على التّوسط والاعتدال والاقتصاد في المعيشة.
- صون المجتمع عن مظاهر الجريمة والانحلال؛ لأنَّ عدم القناعة قد يدفع الإنسان إلى اكتساب المال بالطرق غير المشروعة كالسرقة والقتل.
- تطهير نفس المؤمن من الحسد والحقد.
رابعاً: من صور القناعة
- عن أبي عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دخل عليه عمر بن الخطاب وهو على حصيرٍ قد أثّرَ في جنبه فقال: يا نبيَّ الله، لو اتَّخذت فراشًا أَوْثَرَ من هذا؟ فقال صلَّى الله عليه وسلَّم: (ما لي وللدُّنْيا؟ ما مَثًلي ومَثَل الدُّنيا إلّا كراكبٍ سارَ في يومٍ صائفٍ، فاستظلَّ تحتَ شجرةٍ ساعةً مِن نهارٍ، ثمّ راحَ وتركها).
- دخل رجل على أبي ذرٍّ الغفاري رضي الله عنه؛ فجعل يُقَلِّبُ بصره في بيته، فقال له: يا أبا ذرٍ! ما أرى في بيتك متاعًا ولا غير ذلك من الأثاث؟! فقال: إنّ لنا بيتًا نوجِّه إليه صالحَ متاعنا، قال: إنّه لا بدَّ لك من متاع ما دمت ها هنا، فقال: إن صاحب المنزل لا يدعنا فيه.
- لقي عبدُ الله بنُ سلام كعبَ الأحبار عندَ عمر، فقال: يا كعبُ، مَنْ أربابُ العلم؟ فقال: الّذين يعملون به، قال: فما يُذهِبُ العلمَ من قلوب العلماء بعد إذ عقلوه وحفظوه؟ قال: يُذهبه الطّمع وشرَهُ النّفسِ، وتطلّب الحاجات إلى الناس. قال: صدقت.