بَذَلَ الأُرْدُنُّ قِيادَةً وَشَعْباً جهودا كبيرة في سبيل الدفاع عن القضية الفلسطينية ،وبالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ،للحصول على حقوقه المشروعة في قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف .
أولا : موقف الشريف الحسين بن علي
رفض الشريف الحسين بن علي معاهدة سايكس بيكو ووعد بلفور رَفْضاً قاطِعاً
حيث قال الشريف الحسين في إحدى برقياته :" لا أقبل إلا أن تكون فلسطين لأهلها العرب ، ولا أقبل بالتجزئة ،ولا أقبل بالانتداب ،ولا أسكت وفي عروقي دم عربي عن مطالبة الحكومة البريطانية بالوفاء بالعهود التي قطعتها للعرب ".
♦وفي عام 1924م وقع الشعب العربي في فلسطين على وثيقة البيعة للشريف
الحسين بن علي .
إيمانا منهم بصدق نواياه اتجاه قضايا الأمة وإخلاصه لها .
وحرصه على مقدساتها في القدس .
وقد حضر إلى منزل الشريف الحسين وفد من كبار الشخصيات الفلسطينية وبيدهم وثيقة البيعة الموقعة من معظم وجهاء فلسطين وشخصياتها أعلنوا فيها ولاءهم للشريف الحسين بن علي .
ورفض الشريف الحسين بن علي :
المشاريع والمساومات البريطانية التي لا تقود إلى دولة عربية واحدة شاملة للأقطار العربية كلها وفي مقدمتها فلسطين .وما كان منه -رحمه الله - .
فضل النفي على أن يفرط بحقوق الأمة الإسلامية والعربية ، أو بأي شبر من أراضيها المقدسة .وتوفي الشريف الحسين عام 1931م في عمان ،لكنه دفن في رحاب المسجد الأقصى المبارك بناء على وصيته.
ثانيا : موقف الملك عبدالله الأول ابن الحسين (شهيد الأقصى )
سار الملك عبدالله الأول على نهج والده الشريف الحسين -رحمه الله - تجاه قضية الهاشميين المركزية ،قضية فلسطين والقدس ،فكان الملك عبدالله الأول من أشد أعداء الحركة الصهيونية وأطماعها في فلسطين ،وتمثل ذلك في العديد من المواقف منها ⇔ :
دعوة الملك عبدالله الأول العرب إلى عدم التعامل مع اليهود أو بيعهم عَقاراً أو أي أرض لهم بوصفهم محتلين ،وكان يدعو العرب إلى دعم صندوق الأمة الفلسطيني.
مقاومة الملك عبدالله الأول دعوات تقسيم فلسطين ومشاريعها منذ بداية الأربعينات من القرن العشرين .
دفاع الجيش العربي الأردني تحت قيادة الملك عبدالله الأول عن فلسطين والقدس في حرب عام 1948م ،ومن أقواله المشهورة عن القدس " سأذهب إلى هناك وأموت على أسوار المدينة ".
إتمام وحدة الضفتين عام 1950م .
رفض الملك المؤسس إعطاء اليهود ممرا إلى حائط البراق.
وشاءت الأقدار أن يدفع الملك عبدالله الأول حياته ثَمَناً لمواقفه في الدفاع عن فلسطين ليرتقي شهيدا في المسجد الأقصى ،بعد أن نالت منه يَدُ الغَدْرِ وهو يهم بدخوله لتأدية صلاة الجمعة عام 1951م وكان قد أوصى رحمه الله بأن يدفن في باحات المسجد الأقصى إلى جوار والده الشريف الحسين بن علي إلا أن ظروفا قاهرة حالت دون تنفيذ وصيته :" لقد أوصيت أهلي بوجوب دفني في القدس إلى جوار قبر أبي في ساحة الحرم الشريف ،إني أريد القدس معي وأنا على قيد الحياة ،وأريد أن أبقى مع القدس بعد الموت".
ثالثا : موقف الملك الحسين بن طلال
استمر الملك الحسين بن طلال على خطى والده وأجداده رحمهم الله في تعلقه والتزامه بالدفاع عن القدس والمقدسات بالرغم من وقوع القدس تحت الاحتلال في عام 1967م فقد ظل الملك الحسين بن طلال يؤكد أن القدس ليست موضوع مساومة ، لأن القدس جزء من الأرض العربية المحتلة ،وعلى إسرائيل أن تنسحب منها .
كانت رؤية الملك الحسين بن طلال رحمهما الله والتي ارتكزت على بعدين هما : البعد الديني والقومي حيث قال :
إن القدس العربية أمانة عربية إسلامية منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،ولا يملك أحد من العالمين العربي والإسلامي حق التصرف بها أو التنازل عنها ،ولن تتمكن إسرائيل ولا سواها من تغيير هذا الواقع ،ولا بدا ذلك ممكنا إلى حين "
أبرز القرارات السياسية التي تنم عن اهتمام الحسين رحمه اللهبالقدس :
تأسيس قانون الإعمار الهاشمي للمقدسات الإسلامية وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك .
تشكيل لجنة إعمار المسجد الأقصى المبارك ،وقبة الصخرة المشرفة عام 1954م .
تشكيل اللجنة الملكية لشؤون القدس عام 1971م التي يتمحور نشاطها حول إصدار المؤلفات والنشرات التي تتمتع بطابع توعوي توثيقي لفضح السياسات التهويدية الإسرائيلية للقدس وأخطارها .
نجاح الأردن بإدراج القدس على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر في اليونسكو .
استثناء القدس من قرار فك الارتباط الإداري والقانوني الذي اِتَّخَذْ عام 1988م ،فواصل الأردن تَوَلَّيْ مسؤولية المؤسسات الحكومية في القدس ،وعلى رأسها دائرة أوقاف القدس ، وشؤون المسجد الأقصى التي تتبع وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية .
إصرار الملك الحسين رحمه الله على احترام الدور التاريخي الخاص للرعاية الهاشمية للمسجد الأقصى المبارك ،►وقد ورد ذلك في الفقرة (9) من اتفاق السلام ( اتفاقية وادي عربة )الذي عقدته الأردن مع دولة الاحتلال الإسرائيلي عام 1994م.
رابعا : موقف الملك عبدالله الثاني ابن الحسين صاحب الولاية وخادم الأماكن المقدسة
حضيت المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس باهتمام بالغ في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ،وأضحت جُزْءاً لا يَتَجَزَّأُ من برامج عمل الحكومات في عهد جلالته ، وشكل اهتمام جلالته استمرارا للنهج الهاشمي في رعاية هذه المقدسات منذ أمد بعيد .
وقد تمثل موقف جلالة الملك عبدالله الثاني في ما يأتي ►:
أمر جلالة الملك عبدالله الثاني بتشكيل الصندوق الهاشمي لإعمار الأقصى وقبة الصخرة المشرفة عام 2007م ، بهدف توفير التمويل اللازم لرعاية المسجد الأقصى المبارك والمقدسات الإسلامية في القدس ؛لضمان استمرارية إعمارها وصيانتها وتجهيزها .
قيام الملك عبدالله الثاني بتمويل وتسيير مشاريع ترميم وإعمار داخل المسجد الأقصى على نفقته الشخصية .وشملت مشاريع إعمار المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس في عهد جلالة الملك إعادة بناء منبر المسجد الأقصى (منبر صلاح الدين )،وتركيبه في مكانه بالمسجد يوم 24/كانون ثاني من عام 2007م ،وترميم الحائط الجنوبي والشرقي للمسجد الأقصى ،وشملت أيضا ترميم وصيانة لمختلف مرافق الأقصى المبارك وأقسامه ،وقبة الصخرة المشرفة .
حرص جلالة الملك عبدالله الثاني على تأكيد ارتباط الأردن بالقدس بتأكيد مفهوم الوصاية الهاشمية المتواصلة على المقدسات في القدس منذ عهد الشريف الحسين بن علي ،وذلك عن طريق توقيع اتفاقية الوصاية مع رئيس دولة فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 2013م.
نجاح الأردن تحت قيادة الملك عبدالله باستصدار قرارات عدة تدين ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ،وتكشف الانتهاكات الإسرائيلية ضد التراث العربي الإسلامي في القدس .
حرص الملك عبدالله الثاني على التواصل الدائم مع أهالي القدس عن طريق استضافتهم بصورة دورية للسماع منهم أحوال المدينة المقدسة ،واحتياجات الحفاظ على المقدسات ودعم صمود المقدسيين في مدينتهم وهم يواجهون أشرس حملات التهجير .
تشكيل مجلس الكنائس الأردني الذي يشمل كنائس القدس الرئيسة .
إطلاق مشروع ترميم القبر المقدس في كنيسة القيامة ،والإسهام في ترميمه عام 2016م.
ترسيخ مفهوم الحرم الشريف وما يشمله في المنظمات الدولية .
وتفخر الدولة الأردنية بكونها الدولة الأكثر دعما للقضية قَوْلاً وَفِعْلاً ،حيث دافع الأردن بكل ما أوتي من قوة عن فلسطين ومقدساتها الإسلامية والمسيحية ،وهذا ليس بغريب على القيادة الهاشمية صاحبة الوصاية الهاشمية التاريخية والدينية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف .